ما هو موضع القنوت في الوتر؟

اقرأ في هذا المقال


موضع القنوت في الوتر:

لقد اتفق العلماء على أن القنوت لا يكون إلا في الركعة الأخيرة من الوتر. واختلفوا في موضعه من الركعة على أربعة أقوالٍ عدة منها ما يلي:

القول الأول: يُستحب بعد الركوع. وهو وجه عند الشافعية، ورواية عن أحمد وهي المذهب. وقال أبو بكر، وعمر في رواية، وعثمان وعلي في روايةٍ، وأنس بن مالك في روايةٍ، وأبي بن كعب، وسعيد بن جبير، وأيوب السختياني، والحسن، والحكم، وابن شهاب.

أدلة القول الأول: إنّ أدلة القول تقول بأنهُ يُستحب القنوت بعد الركوع. ومن الأدلة على ذلك الأمر ما يلي:

حديث أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قنت بعد الركوع. ووجه الاستدلال: هو أن قنوت النبي عليه الصلاة والسلام بعد الركوع دليل على فضيلة القنوت بعده. ونوقش: بأنه خاص بقنوتِ النوازل، كما أشار أنس إلى ذلك في أول الحديث وآخره. وهنا فقد أجاب بجوابين وهما: الجواب الأول: وهو بأن ما ذكره أنس من القنوت قبل الركوع هو إطالة القيام للقراءة لا الدعاء. أما الجواب الثاني: وهو أن أنس صلى بالناس صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، فكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول القائل قد نسي، وذلك لكثرة دعائهِ.

وهو ما جاء عن طائفةٍ من الصحابة أنهم كانوا يقنتون بعد الركوع. ووجه الاستدلال: هو أن قنوت هؤلاء الصحابة بعد الركوع يُفيد استحباب القنوت بعد الركوع. ونوقش: بأنه قد رُوي عن طائفةٍ أخرى أنهم كانوا يقنتون قبل الركوع. وأجيب بأن رواة القنوت بعد الركوع أكثر وأحفظ.

وهو حديث عائشة عن الحسن بن علي، قال: “علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود أن أقول” أخرجه الحاكم في المستدرك. ووجه الاستدلال هو أن النبي عليه الصلاة والسلام علم الحسن القنوت في الوتر بعد الركوع. ولا يعلّمه إلا الأفضل: ونوقش: بأن الحديث ضعيف. وأجيب: بأن الحديث صالح للاحتجاج.

-القياس على القنوت في الفجر للنوازل. فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يقنت في الفجر بعد الركوع. ونوقش هذا القول من وجهين: الوجه الأول: بأنه قد جاء عن أنس أنهم كانوا يقنتون قبل الركوع وبعده. وأجيب عنه من أربعة أمورٍ وهما: الأول: أن القياس على فعل النبي عليه الصلاة والسلام لا على فعل أصحابه. والثاني: بأنه معارض بفعل النبي عليه الصلاة والسلام، فقد كان يقنت بعد الركوع. والثالث: بأن ما جاء عن أنس محمول على الجواز. والرابع أن المُراد بالقنوت قبل الركوع إطالة القراءة لا الدعاء. أما الوجه الثاني: وهو أنه قياس والقياس في العبادات غير معتبر.

القول الثاني: يُستحب القنوت قبل الركوع، وهو قول المالكية، وأحمد في رواية. وقال به: عمر في روايةٍ،  وابن عباس وأبي موسى الأشعري، والبراء بن عازي وابن عمر، وأنس بن مالك فيبن عبد العزيز رواية وعمر  بن عبد العزيز والحسن في رواية، وابن سيرين، والنخعي وإسحاق. والدليل على هذا القول:

حديث أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُوتر بثلاث ركعات، ويقنتُ قبل الركوع. ووجه الاستدلال: أن النبي  عليه الصلاة والسلام كان يقنتُ في الوتر قبل الركوع، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يفعل إلا الأفضل. ونوقش هذا الأمر من جهتين: الأول: وهو أن الحديث ضعيف. وأجيب بأنه حسنٌ بشواهده. والثاني: بأنه محمولٌ على الجواز، لما تقدم في أدلة القول الأول.

حديث ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع. ووجه الاستدلال، أن النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك ولا يفعل إلا الأفضل. ونوقش هذا الأمر من ثلاثة أوجهٍ وهي: الأول: بأن الحديث لا يصح. والثاني: أنه معارض بفعل ابن مسعود، فقد كان يقنتُ بعد الركوع. والثالث: أنه محمولٌ على الجواز؛ لما تقدم في أدلة القول.

أن عمر وابن مسعود وغيرهما من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام: كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع. ووجه الاستدلال: أن قنوت هؤلاء الصحابة قبل الركوع يدلُ على استحباب القنوت قبل الركوع. ونُوقش بأنه قد جاء عن هؤلاء أنهم كانوا يقنتون بعد الركوع، ورواية القنوت بعد الركوع أكثر وأحفظ.

القول  الثالث: لا يُشرع القنوت إلا بعد الركوع. وهو وجهٌ عند الشافعية والمذهب عندهم. ومن الأدلة على هذا القول هو ما يلي:

هو ما ثبت عن طائفةٍ من الصحابة أنهم كانوا يقتنون بعد الركوع. ونوقش بأن فعل الصحابة محمولٍ عن الاستحباب؛ لأنه قد جاء عنهم وعن غيرهم أنهم كانوا يقتنون قبل الركوع.

حديث عائشة رضي الله عنها عن الحسن قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبقَ إلا السجود أن أقول. ووجه الاستدلال: أن النبي عليه الصلاة والسلام علم الحسن القنوت في الوتر بعد الركوع، فدل على أنه لا يُشرع إلا بعده.

القياس على القنوت في الفجر للنوازل. ونوقش من وجهين وهما: الأول: أنه محمول على الاستحباب؛ لما تقدم في أدلة القول الثاني. والثاني: أن القياس في العبادات غير معتبرٍ.

القول الرابع: لا يُشرع القنوتُ إلا قبل الركوع. وقال به الحنفية، وهو وجه عند الشافعية. ومن هذه الأدلة ما يلي:

حديث أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُوتر بثلاث ركعات، ويقنتُ قبل الركوع. ووجه الاستدلال: هو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقنتُ في الوتر قبل الركوع، فلا يُشرع بعده. ونوقش هذا القول من أمرين وهما: الأول، بأن الحديث لا يصح. والثاني: أنه محمول على الجواز لما تقدم في أدلة القول الأول والثالث.

حديث ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع. ووجه الاستدلال: أن النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك، فلا يُشرع القنوت إلا قبل الركوع، ونوقش من ثلاثة أوجهٍ. الأول: أن الحديث لا يصح. والثاني: أنه معارض بفعل ابن مسعود، فقد كان يقنتُ بعد الركوع. والثالث: هو أنه محمول على الجواز؛ لما ذكر في القول الأول والثالث.

أن عمر وابن مسعود، وغيرهما من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام: كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع. ووجه الاستدلالُ على ذلك هو أن قنوت هؤلاء الصحابة قبل الركوع يدلُ على أنه لا يُشرع القنوت إلا قبله. ونوقش، بأنه محمولٌ على الجواز؛ وذلك لما تقدم في أدلة القول الأول والثالث.

والترجيح في تلك الأمور هي والله أعلم هو القول باستحباب القنوت بعد الركوع لقوة أدلتهِ وورود المناقشة على أدلة الأقوال الأخرى.


شارك المقالة: