ما هي القواعد الفقهية المنظّمة لعمليات التكسب والاسترباح؟

اقرأ في هذا المقال


شرع الإسلام التجارة والأعمال الاستثمارية التي تهدف إلى الحصول على الربح، وأباح المعاملات المالية التي تساعد على ذلك، ولكن ضمن ضوابط وأحكام محددة وثابتة، يجب على الجميع الالتزام بها وعدم مخالفتها، وذلك من خلال بلورة مجموعة من القواعد التي تعمل على تنظيم عمليات الاسترباح والكسب، لجعلها موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها.

القواعد الفقهية المنظّمة لعمليات التكسب والاسترباح:

القاعدة الأولى: أكل المال بالباطل حرام:

ويُقصد بهذه القاعدة تحريم أكل أموال الناس، وأخذها بأساليب غير مشروعة، فلا يحل مال المسلم للمسلم إلّا بطيب من نفسه، وتدخل هذه القاعدة في دائرة جميع المعاملات الإسلامية في الجانب المالي، وتشمل كل ما هو محرم أخذه أو الحصول عليه من الجهات المحرّمة.
ومن الفروع التي تندرج تحت مضمون هذه القاعدة:

  • الرشوة: وهي المال الذي يُقدّمه شخص لآخر بهدف إبطال حق أو تحقيق هدف باطل.
  • القمار: وهو اللعب المشروط بأخذ مال المغلوب للغالب، والذي يتضمّن المراهنة التي تقوم على غرر فاحش.
  • مهر البغي: وهو المال الذي يُقدّم للمرأة مقابل جلبها لممارسة الفاحشة.
  • حلوان الكاهن: وهو المال المُقدّم للعرافين والدجالين مقابل أعمالهم في الشعوذة والدجل.
  • ومن الصور المعاصرة للكسب الحرام، عملية اليانصيب، ومسابقات الربح، دفع مبلغ معين للحصول على بطاقة تخفيض.

القاعدة الثانية: التصدّق بالربح العائد من وجه محظور:

تعني هذه أنه إذا حصل المسلم على ربح من مكسب محرّم غير مشروع، فهو ربح محرّم عليه لأنه من مصدر غير مشروع، وعليه التصدّق به وعدم الانتفاع منه، ويعتبر هذا التصرّف الحل الوحيد للتخلّص من الحرام الذي اخترق رزقه.
والأرباح العائدة من البنوك الربوية بسبب الادخار، تعد من الأمثلة المعاصرة على مضمون هذه القاعدة، فعلى المسلم هنا التوبة والتصدق بالمال الحرام باسم صاحبه.

القاعدة الثالثة: إذا اختلط المال الحلال بالحرام فيجب إخراج قدر الحرام والباقي حلال:

من اختلط ماله الحال بمال آخر حرام، عليه أن يقوم بإخراج المال الحرام من المال وعزله إن كان ظاهراً، وإن لم يكن ظاهراً فعليه تقدير المال الحرام، وإخراج قدره من مجمل المال لتطهيره والتخلّص من الحرام، ويعتبر هذا الحكم في المال المختلط بالحرام من مظاهر يُسر الشريعة الإسلامية.
ومن الأمثلة على ذلك من المعاملات المعاصرة، بيع الأسهم من شركات المساهمة مع شمول الأسهم على مقدار من العملة، والعائد المحرم هنا الجزء الذي يتقاضاه البائع من المال ثمن الأسهم مقابل العملة، وأُجيز البيع هنا مقابل التخلص من الجزء المحرّم من المال، للتسهيل على الناس.

القاعدة الرابعة: الأصل في الاسترباح الحرية:

للمسلم الحرية في الاسترباح، وهو حرٌّ في الاسترباح وتحديد النسب التي تُناسبه من الربح، دون قيود أو شروط، ويُباح له الزيادة أو الإنقاص في الربح بلا قيود، ما لم تكن الزيادة باتباع أساليب مصطنعة، ومخالفة لقوانين العرض والطلب، كالغش والتحايل والاحتكار وغيره، فهنا يجب تدخل السلطات العليا في البلاد بأمور التجارة والاسترباح وتحديد الأسعار.


شارك المقالة: