ما هي قصة الروم الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن؟

اقرأ في هذا المقال


قصة الروم الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن:

إن القرآن الكريم احتوى على قصص وأحداث كثيرة، ومن خلال القراءة في تلك القصص قصة جديدة وسورة جديدة اسمها الروم، فقد يسأل البعض عن اسم القصة ولماذا أطلق عليها الروم، فمن هم هؤلاء الروم  ولماذا ذكرهم الله تعالى في كتابه العزيز.

لما بدأ النبي عليه الصلاة والسلام دعوته في مكة المكرمة، كانت هناك أمتان في الأرض وهما أكبر أمتين أيضًا، وكان القتال بينهما دائمًا مستمرًا وأحدهما كانت دولة فارس وكان يحكمها فارس والأخرى هي دولة الروم ويحكمها قيصر وكانت قريش تميل إلى فارس أكثر من الروم؛ لأن الروم هم نصارى وهم أهل كتاب، أما أهل الإيمان فقد كانوا يميلون أكثر إلى النصارى وهم الروم؛ لأنهم أقرب إليهم من المجوس قوم فارس.

وفي ذات يوم حدثت معركة عظيمة بين الفرس وبين الروم، وإن الذي انتصر في تلك المعركة هم الفرس، فوصل الخبر إلى كفار قريش وقد سرّهم ذلك الخبر، فقال تعالى: “الم – غُلِبَتِ الرُّومُ – فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ” الروم:1-3.

فأخبر الله تعالى في القرآن الكريم أن الروم قد غُلبوا، ففرح كفار قريش عندما وصلهم الخبر وأخذوا يشمتون ويستهزئون ويسخرون بالنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه بأن فارس أقرب إلينا منكم، وغلبوا الروم الذين هم أقرب إليكم منا، فشّق ذلك الأمر على النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه.

وبعد ذلك أنزل الله تعالى آيات يخبر بها الصحابة بأن الأمر سيتغير، وأن الروم في بضعِ سنين إنها ستغلبُ فارس، فجاء كفار قريش يتحدون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأن الروم لن تغلب، فراهنهم أبو بكر الصديق، ففي ذلك الوقت لم يكن الرهان محرم، فقبلوا الرهان وتراهنوا معه على ستة سنين، فالله تعالى قال: بضع سنين، وبضعُ أي ما بين ثلاث إلى تسع سنين، وبعد ستة سنين لم تنتصر الروم، فجاء كفار قريش وأظهروا نصرهم على أبي بكر الصديق، وما أن مضت سنة أي سبع سنين إلّا وتحقق وعد الله تعالى، فقال تعالى: “فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ – بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ” الروم:4-5.

فقد كان هذا من علم الغيب الذي أطلعه الله تعالى على نبيه وعلى المؤمنين، وتحدى فيه المؤمنين الكفار، فلما جاء وعد الله وتحقق أسلم الكثيرون ودخلوا في دين الله، حتى أن بعضهم لم يدخل في الإسلام ولكن كانت عندهم نيّة بأن يؤمنوا.

من هو النضر بن الحارث وما علاقته بما حدث بين الروم والفرس:

النضرُ بن الحارث هو رجل من المشركين، قام بشراء قينةً أي مغنية وأعطاها أموال، وإذا رأى أحدًا يريد الدخول في الإسلام يقوم بإرسال المغنية لتغني له، فيطعمه ويسقيه ويقول له: هذا أفضل لك مما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى في كتابه: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ” لقمان:6.

لما أنزل الله تعالى آية في القرآن عن “الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ” الأنعام:82. قيل عنهم أنهم لهم الأمن، فقد أصاب الصحابة همًا شديد؛ لأن الصحابة كانوا يقفون عند كتاب الله في كل كلمة، فكان يقول بعضهم للآخر: وأيّنا لم يظلم نفسه، وأن إيمانه كامل.

فظل الصحابة في همّ لفترة من الزمن، حتى أنزلت آية فرج الله تعالى بها عن المؤمنين عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام آية يُبين الله فيها المقصود من الظلم المذكور في هذه الآية الكريمة: “وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ” لقمان:13.

ففرج عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم علموا أن الظلم المقصود بتلك الآية هو الشرك بالله تعالى، فالمسلم الذي عنده إيمان ولم يخلط إيمانه بشي من الشرك، أولئك لهم الأمن وهم مهتدون، أما إذا خالط الإيمان ولو شيء قليل من الشرك لأحبط العمل، حتى قال عليه الصلاة والسلام: “مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ” رواه مسلم.

أما إذا وقع الإنسان في الشرك الأكبر وهو الظلم الأكبر والأعظم فقد أحبطه عمله، فبعض الآيات إذا علمنا نزولها وقرأناها وتدبرناها وفهمنا معانيها ستسهل على قارئ القرآن، فقال تعالى: “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا” محمد:24.


شارك المقالة: