رجلين قد آمنا بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كما وأنَّهما قد شاهداه، إلى جانب أنَّهما قد حضرا نزول الوحي، حيث أنَّهما سبقا عليهم الكتاب فنكصا على أعقابهم، حيث أنَّهم ارتدا عن إيمانهما، وقد ماتوا على ردتهما كذلك، حيث كانت في قصتهما عبرة، وهذا حتى لا يغتر أي فرد عامل بعمله، فيظن بأنَّه سوف يُنجيه من تقلب القلوب، وكذلك هذا يُكثر الإنسان المؤمن من الدعاء وكذلك التضرع، إضافة إلى الدعاء وهذا حتى الثبات، وفي هذا المقال سوف نتناول التحدث عن قصة هؤلاء الرجلين الذين نكصوا على أعقابهم.
ما هي قصة الناكصون على أعقابهم
رجلين كان أحدهما قارئاً لكتاب الله عزَّ وجل، وكان أيضاً كاتباً للوحي، كما وقد شرَّفه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بتلك المهمة العظيمة والجليلة، ولكنَّه كان في النهاية ليس أهلاً لكل من العز والشرف.
حيث أنَّ قصة ذلك الرجل يرويها الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال بمعنى الرواية بأنَّه كان رجلاً يتبع الديانة النصرانية فأسلم، وقرأ سورة البقرة وآل عمران كذاك، كما وأنَّه كان يكتب لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ومن ثم قد عاد نصرانياً، فكان حينها يقول: “ما يدري محمد إلّا ما كتبت له”، فمات فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض أي أخرجته منها، فقالوا آنذاك بأنَّ هذه الفعلة هي فعلة محمد بن عبدالله عليه السلام وأصحابه كذلك، فقالوا بأنَّهم قد نبشوا عن صاحبهم بالقوة.
ثم أعادوا الحفر له فأعمقوا في الحفر، ثم أصبحوا ووجدوه قد لفظته الأرض مرَّة أخرى، فقالوا مثل ما قالوا في المرَّة الأولى بأنَّها من فعل محمد وأصحابه، فقالوا بأنَّهم قد نبشوا لصاحبهم عندما هرب منهم بالقوة، ثم أعادوا الحفر مرَّة ثالثة فأعمقوا الحفر في الأرض على قدر ما استطاعوا، فأصبحوا ووجدوه ملفوظاً من الأرض، فعلموا حينها بأنَّه ليس من الناس، فألقوه.
وفي رواية مُسلم قال أنس بن مالك رضي الله عنه:” كان منَّا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم، فانطلق هارباً حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه، قالوا: هذا قد كان يكتب لمحمد فأُعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم، فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عاودوا فحفروا له فوارو، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عاودوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذا”.
وأمَّا عن المُرتد الآخر فقد كان يُسمى بربيعة بن أمية الحُجمي، أدرك سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وشرب الخمر وهذا في أثناء عهد خلافة الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهرب خوفاً من أن يتم إقامة الحدّ عليه إلى الشام، ومن ثم قد التحق بالروم وأصبح نصرانياً.
وبعد إسلامه قد أكرمه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فقد رافق النبي عليه السلام وهذا في حُجة الوداع، وكان يُلقي على الناس خطابات سيدنا محمد عليه السلام.
حيث أنَّ عباد بن عبدالله بن الزُبير رضي الله عنهم قال:” كان ربيعة بن أمية بن خلق الحُجمي هو الذي يصرخ يوم عرفة تحت لبة ناقة رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم، وقال له رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم: اصرخ، وكان صيِّتاً، أيُّها الناس أتدرون أي شهر هذا؟ فصرخ، فقالوا: نعم، الشهر الحرام، قال: فإنَّ الله قد حرَّم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربَّكم كحرمة شهركم هذا”. رواه الطبراني وصححه ابن خُزيمة.
وعلى الرغم من تلك الكرامة التي خصَّ بها من قِبل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فإنَّه قد وقع في تلك المعصية وهذا في زمن الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأقبل على شرب الخمر، فكان هذا الأمر هو سبب رجوعه عن الإسلام وردَّته، وهذا الأمر يوضح خطر الموبيقات والكبائر والمحرمات على العبد، كما وأنَّه من الواجب عليه أن يجتنبها ويبتعد عنها بتاتاً، وكذلك عدم الاستهانة بها أبداً، فرُبما قادت تلك المحرمات بالعبد إلى أن يقع في الكفر وهو لا يشعر بها.
حيث أنَّه قد قيل في الخمر: إنَّها أمُّ الخبائث؛ وهذا لأنَّها تجمع ما بين الشر للذي يعمد إلى شُربها والعمل على تزيين سوء العمل له، ويتم هذا بذهاب عقل الشارب لها الذي يُقيده عمَّا لا ينبغي، فلا يعمد إلى محاسبة ذاته وهذا على تصرفاتها وكذلك تجاوزاتها، فإذا تمت تغطية عقله بواسطة الخمر لم يتراجع عن فعل أي عمل كان، وكذلك لا يستحي بتاتاً من أي فرد “فكم من خمرة دارت في رأس صاحبها فأوردته المهالك، وأوجبت له العقوبة”.
