من المقطوع به عند العلماء أن تنزل الآيات القرآنية بدأ بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزل جبريل عليه السلام بأوائل سورة ( اقرأ) واستمر تنزل القرآن طوال بعثته صلى الله عليه وسلم، إلى ما قبل انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى بفترة قصيرة. ( أي على مدى 23 عاماً).
المقدار الذي كان ينزل فيه القرآن:
اعلم أنه كانت تنزل الآية الواحدة، وقد كانت تنزل عدة آيات فقد نزلت عشر آيات مرة واحدة من قوله تعالى: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ (١) ٱلَّذِینَ هُمۡ فِی صَلَاتِهِمۡ خَـٰشِعُونَ (٢) وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ (٣)﴾ [المؤمنون ١-٣] إلى قوله تعالى : ﴿وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَ ٰعُونَ (٨) وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَ ٰتِهِمۡ یُحَافِظُونَ (٩) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡوَ ٰرِثُونَ (١٠)﴾ [المؤمنون ٨-١٠] [المؤمنون ١٠]
وصح نزول بعض آية واحدة، وهي قوله تعالى في سورة النساء: ﴿لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ غَیۡرُ أُو۟لِی ٱلضَّرَرِ وَٱلۡمُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ عَلَى ٱلۡقَـٰعِدِینَ دَرَجَةࣰۚ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ عَلَى ٱلۡقَـٰعِدِینَ أَجۡرًا عَظِیمࣰا﴾ صدق الله العظيم [النساء ٩٥] ومن السور القصار ما كان ينزل دفعة واحدة: كالفاتحة، والعصر، والكوثر، والنصر، والإخلاص، والمعوذتين.
ومنها ما كان ينزل مفرقاً كسورة ( اقرأ) فإن أول ما نزل منها إلى قوله تعالى: ﴿عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ یَعۡلَمۡ﴾ صدق الله العظيم[العلق ٥] ثم نزل باقيها بعد ذلك، وكذلك سورة الضحى، نزل منها أولاً: من قوله تعالى: ( والضحى) إلى قوله تعالى: ﴿وَلَسَوۡفَ یُعۡطِیكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰۤ﴾ صدق الله العظيم [الضحى ٥] ثم نزل باقيها بعد ذلك.
ولم ينزل من السور الطوال سورة بكمالها إلا سورة (الأنعام) فقد روي كثير من علماء الحديث نزولها جملة عن غير أكثر واحد من الصحابة، والتابعين، لأنها تكلمت عن المكذبين بالبعث والنشور، وهي من مقاصد الدين الأساسية التي لا يتوقف نزول آيها على سؤال أو حادثة أو سبب يقتضي إنزالها، ورجع إنزالها وقعة واحدة، الإمام الفخر الرازي، والقرطبي، وغيرهما من علماء التفسير، أما بقية سور القرآن فقد تنزلت منجمة متفرقة.