مد البدل في علم التجويد

اقرأ في هذا المقال


يكون المد الطبيعي في تلاوة القرآن الكريم بمقدار حركتين لا غير، لكن في بعض المواضع من الواجب على القارئ أن يقوم بمد حرف المد بمقدارٍ أكثر من حركتين، ليتناسب اللفظ بين حرف المد والحرف الذي يليه، ولا يكون في النطق صعوبة على القارئ، وسُمي المد في تلك المواضع بالمد الفرعي، الذي ينقسم إلى عدة أنواع، نتحدث عن واحد منها في هذا المقال ألا وهو مد البدل.

تعريف مد البدل في علم التجويد

مد البدل هو المد الذي يتوجب على القارئ تطبيق حكمه أثناء التلاوة، في حال جاء حرف المد مسبوق بهمزة في نفس الكلمة، ولا يتبع حرفَ المد همزة أو سكون، وأطلق العلماء اسم مد البدل على هذا النوع من المد؛ لأن حرف المد في ذلك الموضع يكون مبدلاً عن الهمز.

حيث أنّ أصل البدل هو الهمزة، ويكون بوجود الهمزتين متتاليتين في نفس الكلمة، فتكون الهمزة الأولى متحركة، والهمزة الثانية ساكنة فيكون حرف المد مبدلاً عن الهمزة الثانية.

ويجب أن يكون حرف المد من جنس حركة الهمزة الأولى، لتسهيل نطقها على القارئ، مثل كلمة “ءَادَم” حيث أُبدلت الهمزة الثانية بحرف المد الألف لتتناسب مع حركة الهمزة الأولى وهي الفتحة، أما كلمة “إِيمَاناً” فكان حرف المد هو الياء تناسباً مع الكسرة حركة الهمزة الثانية، وأُبدلت الهمزة الثانية في كلمة “أُوذُوا” بحرف الواو لتتناسب مع حركة الهمزة الأولى وهي الضمة، وهكذا.

حكم مد البدل في علم التجويد

إنّ حكم مد البدل هو الجواز عند جميع القراء؛ لأنه كان مختلفا من قراءة لأُخرى في  القصر والتوسط والطول، فقد أجمع القراء من طريق الشاطبية على قصر مد البدل، أما ورش فقرأه على ثلاثة مراتب فقصر في بعض الأحيان، وقرأ بالتوسط في أحيان أخرى، ورُوي عنه أنه أطال في بعض المواضع.

ويرتبط مد البدل بعلم الصرف في التلاوة والتجويد، من ناحيتي التركيب والفلسفة، فتركيب مد البدل همزتين متتاليتين الأولى متحركة والثانية ساكنة، وحسب قواعد اللغة العربية فإن لا يمكن الجمع بين الهمزتين المتتاليتين في اللفظ، كما في تركيب مد البدل، فيتم إبدال الهمزة الثانية بحرف مد يتطابق مع جنس حركة الهمزة الأولى، لتسهيل اللفظ.

ومدّ جميع القراء من طريق الشاطبية مد البدل، كما في المد الطبيعي بمقدار حركتين، وأجمع علماء التلاوة على جواز مده أكثر من المد الطبيعي لأن ورش قرأ مد البدل بأكثر من صورة، فقرأه بحركتين، وقرأه بأكثر في بعض المواضع، على سبيل التوسط، أو الطول.

مراتب مد البدل في علم التجويد

أجمعَ العلماء على جواز قراءة مد البدل بعدة مراتب، لاختلاف القراء في مقدار مده، وهذه المراتب هي كالتالي:

  1. القصر: أي مد حرف المد في مد البدل بمقدار حركتين فقط، أي لا يزيد على المد الطبيعي بشيء.
  1. التوسط: ويعني أن يمد القارئ حرف المد المبدل في مد البدل بمقدار أربع حركات، أي الزيادة على المد الطبيعي بمقدار حركتين.
  1. الطول: وهو إطالة حرف المد في مد البدل لأقصى مقدار ممكن من حركات المد في أحكام المد حسب علم التجويد والتلاوة، ويكون بمقدار ست حركات لا أكثر.

علة مد البدل في علم التلاوة

يقرأ جميع القراء مد البدل بمقدار حركتين، باستثناء ورش الذي قرأ بأربع وست حركات، ويعود سبب قراءة مد البدل بحركتين، أنّ حرف المدّ مثبت في أساس لفظ الكلمة، ولو قام القارئ بإسقاطه، فإنه يكون قد أسقط حرف من التلاوة، وهذا أمر باطل في علم التلاوة والتجويد بجميع أشكاله.

وبناءً على ما سبق ألحق القراء مد البدل بالمد الطبيعي في مقدار الحركات، لكن هذا أمر غير واجب، لذلك قرأ ورش مد البدل بأربع وست حركات،

 مذاهب بعض القراء في قراءة مد البدل

ذكر علماء التجويد أنّه هناك موضعان لمد البدل في القرآن الكريم، بدأت فيهما الكلمة الثانية بهمزتين متتاليتين، وصل وبعدها قطع، وكانت الأولى مسبوقة بحرف مد، فقام القراء بحذف همزة الوصل وإثبات همزة القطع، في حال الوصل، ليكون المد مد بدل بمقدار حركتين، وهذان الموضعان هما:

  1. كلمة اؤتمن في قوله تعالى: “الَّذِي اؤْتُمِنَ” من سورة البقرة 283، حيث قرأها عامة القراء بإثبات همزة القطع بعد حرف المد مباشرة، وقرأها ورش والسوسي بإبدال الهمزة بياء ظاهرة فيظهر صوتها وكأنها مكتوبة بهذا الشكل (الَّذِيتُمِنَ). وقرأها الجميع بما فيهم ورش والسوسي عند الابتداء بها بإظهار الهمزة مع الضم، ولفظ واو مدية بعدها لتتناسب مع جنس حركة الهمزة.
  1. كلمة ائتنا في قوله تعالى: “إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا” من سورة الأنعام 71، قرأها جميع القراء بإثبات همزة القطع، أما ورش والسوسي، فقرآها بوصل نهاية كلمة الهدى مع ألف مبدلة عن الهمزة لتكون بشكل (الهداتِنا). وبدأها الجميع بهمزة مع الكسر متبوعة بياء مدية حسب جنس حركة الهمزة.

وفي النهاية نستنتج أنه يأتي مد البدل في حال جاء حرف المد مسبوق بهمزة في نفس الكلمة، ولا يتبع حرفَ المد همزة أو سكون، وحكمه الجواز، كما يأتي مد البدل على ثلاث مراتب، وهي القصر والتوسط والطول.


شارك المقالة: