ولم نَزَلْ تستضيءُ بعلمهم في رواية الحديث النّبويّ الشّريف، كم تحمَّلوا في سبيلِ أنْ يصلَ الحديثُ لأمّة الإسلام كما جاء من النّبي صلّى الله عليه وسلّم أخذوا من صحابته المنهجَ في الرّواية والتّحمل في سبيل النّقلِ والرّواية، كانوا يتسابقون إلى الصّحابة بالرّغم من بُعدِ مكانِهم لأنّهم يعلمون أنّ الحديثَ لا يُروى إلّا من طريقِهم، حملَ التّابعون بعدهم حِملَ الأمانة ولا زالت سيرَهم حاضرةً في كتب الحديث، ونصلُ في الحديثِ عنهم إلى راوٍ من التّابعين الأخيارِ، إنَّهُ مَنصورُ بنُ المعتمِرُ فتعالوا نقرأ في سيرَتِه.
نبذة عن منصور بن المعتمر
هو: التّابعيُّ الجليلُ، أبو عِتابٍ، منصورُ بنُ المُعْتَمِرِ، من رواة الحديث النّبويِّ الشّريف من الكوفيينَ، كان يسكُنُ الكوفةَ بالعراق، وكان شديد الحرص على العلمِ وكان كثيرَ العبادة والصّوم حتّى قيل أمضى ما يزيد على أربعين عاماً صائماً ويقوم الليل باكياً، وكانت وفاتُهُ رحمه الله في العامِ الثّاني والثّلاثين بعد المائة من الهجرة يرحمه الله.
روايته للحديث
كات منصورُ بنُ المعتَمِرِ من رواة الحديثِ من التّابعين وقد روى الحديث عن جمع من التّابعين الأخيار من أمثالِ: شقيقِ بنِ سَلمةَ ورِبْعيِّ بنِ حِراشٍ وزيدِ بنِ وهبٍ وسعيدِ بنِ جُبَيرٍ وعامر الشّعبيِّ والحكمِ بنِ عُتَيبةَ والحسنِ البصريِّ وطلق بنِ حبيبٍ والزّهريَّ ابنِ شهابٍ وغيرهم يرحمهم الله، كما روى الحديثَ من طريقِه كثيرٌ من الرّواةِ من أمثالِ: سليمانَ الأعمشِ وشُعبَةِ بنِ الحجّاجِ وسليمانَ بنِ طَرخانٍ وسفيانِ بنِ عيَيْنةَ وخلقٌ غيرهم، كما كان من الثّقات في علم الرّواية وحديثُهُ عندَ جماعة الحديث.
من رواية منصور بن المعتمر للحديث
ممّا وردَ من رواية الحديثِ عنْ منصورِ بنِ المُعْتَمِر ما أوردَه الإمام مسلمُ بنُ الحجّاجِ في صحيحه: (( حدّثني هارونُ بنُ عبدِاللهِ حدّثَنا أبو النَّضْرِ هاشمُ بنُ القاسمِ اللّيثِيُّ حدّثنا أبو مٌعاويةَ عن منصورِ بنِ المُعْتَمِرِ عنْ سعيدُ بنِ جُبيرٍ عن ابنِ عبّاسٍ قال: نَزَلتْ هذه الآيَةُ بمكَّةَ ( والّذينَ لا يَدْعونَ معَ اللهِ إلاهاً آخرَ ) إلى قَولِهِ (مُهاناً )فقالَ المُشْرِكونَ وما يُغْنِي عنَّا الإسلامُ وقَدْ عَدَلْنا باللهِ وقّدْ قَتَلْنا النّفْسَ الّتي حرَّمَ اللهُ وأَتَيْنا الفَوَاحِشَ؟ فأنْزَلَ الله تعالى: (إلّا منْ تابَ وآمَنَ وعِمِلَ صالحاً ) إلى آخِرِ الآيَةِ )) من كتاب التَّفسيرِ، رقم الحديث 3023/19.
