من هدي سيدنا محمد في الوقاية من الأمراض:
كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد والكثير من الوصايا التي كان يحث الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا من دور وفضل كبير في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
إن دين الإسلام قد دعا إلى أهمية النظافة إذ أن النظافة هي قمة الحضارة الإنسانية، حيث قد جعل الطهارة هي شرطًا مهماً لصحة أهم عباداته من العبادات الإسلامية وهي الصلاة والطواف، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “الطهور شطر الإيمان”.
إذن فللطهارة أهمية كبيرة جداً في ديننا الإسلام، سواء أكانت هذه الطهارة حقيقيَّة مثل طهارة الثوب وطهارة البدن وأيضاً طهارة مكان الصلاة من النجاسة، أم كانت طهارة حكميَّة وهي طهارة الأعضاء والوضوء من الحدث.
إن أهمية غسل الأعضاء الظاهرة والمتعرضة لأجواء الغبار وأيضاً الأتربة وغيرها أيضاً من النفايات والجراثيم عدة مرات بشكل يومي، وأيضاً غسل الجسم في أحيانٍ متكررة ومستمرة تأتي معه النظافة والطهارة، وهذه الأمور هي كفيلة بحماية البشر من أي تلوث، حيث قد ثبت طبيًّا أن من أنجح العلاجات الوقائية للأمراض الوبائية وغيرها من الأوبئة هو النظافة ولكن الوقاية هي خير من العلاج، حيث قد امتدح الله سبحانه وتعالى المتطهرين، فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
وعن الصحابي الجليل عثمانَ بن عفانَ رضي الله عنه قَالَ: “قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: منْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوضوءَ، خَرَجَت خَطَايَاهُ مِنْ جسَدِهِ حتَّى تَخْرُجَ مِنْ تحتِ أَظفارِهِ رواه مسلم”.
وللوضوء دور كبير جداً في نظافة الإنسان وحمايته من الأمراض، حيث أن للمضمضة دور كبير في ذلك، فقد ثبت أن المضمضة تحفظ الفم وتحفظ البلعوم من الالتهابات، وتحفظ من تقيح اللثة، حيث تقي الأسنان من النخر وذلك من خلال إزالة الفضلات الطعامية وبقايا الطعام التي قد تبقى فيها.
حيث قد تحدث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن أهمية الوضوء وما له من دور كبير في نظافة الإنسان جسماً وأيضاً تزيل الذنوب والخطايا وعن الصحابي الجليل عثمان بن عفان قَالَ: “رَأَيْتُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ َتَوَضَّأُ مثلَ وُضوئي هَذَا ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ هكَذَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنبِهِ، وَكَانَتْ صَلاتُهُ وَمَشْيُهُ إِلى المَسْجِدِ نَافِلَةً رواه مسلم”.
ومن الأحاديث الدالة على ذلك هو ما روي عن أبي هريرةَ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِذا تَوَضَّأَ العبدُ المُسلِم أَوِ المؤْمِنُ فَغَسل وجهَهُ خَرجَ مِنْ وَجهِهِ كلُّ خطِيئَة نَظَر إِلَيْهَا بِعيْنيْهِ مَعَ الماءِ أَوْ معَ آخرِ قَطْرِ الماءِ، فَإِذا غَسل يديهِ، خَرج مِنْ يديهِ كُلُّ خَطيئَةٍ كانَ بطَشَتْهَا يداهُ مَعَ المَاءِ أَوْ مَعَ آخِر قَطْرِ الماءِ، فَإِذا غَسلَ رِجَليْهِ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتها رِجلاه مَعَ الماءِ أَوْ مَع آخرِ قَطرِ الماءِ، حَتَّى يخرُجَ نَقِيًّا مِن الذُّنُوبِ رواه مسلم”.
حيث قد ذكر أهل العلم أن المقصود بالوضوء للطعام هو أن يغسل الشخص يديه قبل الطعام وبعده أيضاً.، حيث قد أثبت البحث العلمي أن جلد اليدين عن الإنسان يحمل العديد والكثير من الميكروبات والتي قد تنتقل هذه الميكروبات إلى الفم أو إلى الأنف عند عدم غسلهما؛ ولهذا يجب علينا غسل اليدين جيدًا عند البدء في الوضوء، أو قبل تناول الطعام وبعده أيضاً، وغسلها عند الاستيقاظ من النوم، وذلك هو ما يفسر لنا ما رواه البخاري في الأدب والترمذي والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله قال: “من بات وفي يده ريح غَمَرٍ فأصابه شيء فلا يلومَنَّ إلا نفسه”.
وللصيام دور كبير في وقاية الإنسان وحمايته من الأمراض، حيث يقول العلماء أن العلاج الحالي قد بدأ بأسلوب وطريقة جديدة من الأساليب الحديثة وهو أسلوب علاج الإنسان بالصوم؛ وذلك لأن المعدة والجهاز الهضمي على مدار السنة قد يحصل لديه تعب وذلك بسبب كثرة ما يتناوله الإنسان من الطعام، حيث يحتاج إلى إجازة بعض الشئ، والصوم هو من يقوي الإرادة، ووهو من يشحذ العزيمة، وهو من يعلِّم الصبر، والصوم هو من يساعد على صفاء الذهن.
ومن الأحاديث التي تدل على هذا السياق هو ما رواه المقداد بن معد يكرب عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه” رواه الترمذي وحسنه.
فقد أخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن الإنسان يكفيه عدد من اللقيمات حتى يقمن صلبه فلا تسقط قوَّته ولا تضعف، فإن تجاوز هذه اللقيمات فليأكل بثلث بطنه، وذلك هو أنفع للبدن وأيضاً للقلب؛ لأن بطن الإنسان إذا امتلأ من الأكل والطعام ضاق عن الشراب، فإذا أورد الشخص عليه الشراب فقد ضاق عن النفس، وقد عرض عليه الكرب والتعب بسبب ذلك.
روى مسلم عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله: “غطوا الإناء وأوكئوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا ينزل عليه الوباء”.