لقد كانَ لصَحابَةِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم الحظُّ الأكْبَرِ في روايّة الحديثِ النّبويِّ الشّريف، لأنَّ لَهُمُ الفضل في صحبة نَبيِّنا مُحَمّدٍ عليهِ الصّلاةُ والسَّلامُ، ولقد كانَ لمكثِريهمْ للرّوايَة أثر في رِوايّة الحديثِ أكثَرَ منْ غيرِهم في شرَفِ نقلِ الحديثِ النّبويِّ وكانَ لهم موالٍ ممّن يكتبون ويتعلّمون ويروون الحديث وخرج من موَالِيهم من كانوا من المحدّثينَ المشْهورينَ منَ التَّابعين، وسنتكَلَّمُ عن مولىً للصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ كانَ له من علم ابن عمَر الكثيرَ في مجالِ الحَديثِ، إنّه نافِعُ مولى ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه، فتعالوا نقرأ في سيرتِه في الحديث النَّبويِّ،
نبذة عن نافع مولى ابن عمر
هو: التَّابعيُّ الجليلُ، أبو عبدِ اللهِ، نافِع مولى ابنِ عُمَرَ، ولا يثبتُ أصلُه ونسَبُه وأختلفَ المُؤَرِّخين فيه فقيلَ أنَّه سَبِيُّ من غزواتِ عمرَ بنِ الخَطّاب من بلادِ فارس وقيلَ من نيسابورَ وقيلَ أصْلُه من بلادِ المغرِب، كانَ ممَّن لازَمَوا مولاه عبدِ اللهِ بنِ عمر وروِيَ أنَّهُ أكثَرُ منْ لازَمَهُمْ من الصّحابَةِ أنسُ بنُ مالكٍ ، وكانَ بِهِ لحْنٌ في اللّغَة العَرَبِيَّة فكانَ لا يَقْرأُ ويُعَلِّمه، وكانَ إذا علّم يقرأُ من صحيفَةٍ أوْ منْ كِتابٍ، ولكنَّه كانَ ثَبْتٌ في الرّواية وعلمِ الحديث تعلَّم منه كثيرٌ من التّابعينَ وغَيْرُهم، وكانَ ممَّنْ استَلموا منْصِب الصَدقاتِ في اليَمَنِ في زمَن الأُمَوِيّينَ وكانَتْ وفاتٌهٌ في العامِ السّابعِ عشرَ بعدَ المائة من الهِجْرَةِ يرحَمُهُ اللهُ.
روايَتُه للحديث
كانَ نافِعٌ مولى ابنِ عُمَرَ من رواة الحديثِ منَ التّابعينَ، وقَدْ رَوَى الحديثَ عن كثيرِ من مِمَّن أَدْرَكَهُمْ منَ الصّحابَةِ كعبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وأبي هُريرَةَ الدٌّوسِيِّ وأبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ وأنسِ بنِ مالكٍ ورافِعِ بنِ خَدِيجٍ وأمَّهاتِ المؤمنينَ عائِشَةَ بنتِ أبي بكرٍ وأُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهم رَضِيَ اللهُ عَنْهمْ جميعاً، كما روى عن عدَدٍ من التَابعينَ منْ أمثالِ: سالمٍ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ والقاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أبي بكرٍ وصّفِيَّةَ بنتِ أبي عُبَيْدٍ وغيرِهمْ يرْحًمُهمُ اللهُ.
وروى الحديثَ من طريقِ نافعٍ مَولى ابنِ عمَرَ كثيرٌ َمنَ الرُّواةِ المُحَدِّثينَ منْ أَمثالِ: أيُّوبَ السَّخْتِيانِيِّ وأبانَ بنِ صالحٍ والحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ وحُمَيْدِ الطَّويلِ وسعدِ بنِ إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ وسليمانُ بنُ مهرانَ الأعْمَشِ وصالحِ بنِ كَيْسانَ وعبدِ اللهِ بنِ دينارٍ وعطاءٍ الخُراسانِيِّ واللَّيثِ بنِ سَعدٍ وغيرِهم يرحمهم الله وكانَ من ثقاتِ الرّوايَة، وروى لهُ أصحابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ، البُخاريُّ ومسلِمُ والتَّرْمِذيُّ والنَّسائِيُّ وابنُ ماجَةَ وأبو داوودَ رْحَمُهُمُ اللهُ.
من روايَةِ نافع مولى ابن عمر للحديث
ممّا وَرَدَ منْ روايَةِ الحديثِ النَّبَوِيِّ منْ طريقِ نافِعٍ مولى ابنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ما اوْرَدَهُ الإمامُ مِسلمُ بنَ الحَجَّاجِ في صَحيحِهِ: ((حدَّثَنا أَبُو بكرِ بنِ أبي شَيْبَةَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، حدَّثَنا عُبَيْدِ اللهِ، عنْ نافِعٍ، عنْ ابنِ عُمَرَ قال: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسّلَّمَ بِمِنَىً رَكْعَتَيْنِ، وأَبو بكْرٍ بَعْدَهُ، وعُمَرُ بَعْدَ أبي بَكْرٍ، وعُثمانَ صّدْراً منْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ إنَّ عُثمانَ صلَّى بَعْدُ أَرْبَعاً، فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إِذا صلَّى معَ الإمامِ صلَّى أَرْبَعاً، وإِذا صَلَّاها وحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ )) من كتابِ المساجِدِ ومَوَاضِعِ الصَّلاةِ، رقمُ الحديثِ694/17.