هل استسلمت قبيلة ثقيف لوحدات جيش المسلمين بعد انصرافه

اقرأ في هذا المقال


هل استسلمت قبيلة ثقيف لوحدات من جيش النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه:

بعد أن انتهی حصار مدينة الطائف من قبل جيش المسلمين، انصرف النبي الكريم الشريف محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك دون أن يتمكن جيش المسلمين والإسلام من فتحها.

وكان هذا بإجماع المؤرخين وأهل السير، غير أن هناك روايات قد ذكرت أن وحدات من الجيش النبوي وجنده قد فرضت الحصار على مدينة الطائف من جديد، وذلك بعد انصراف قائد الجيش الإسلامي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عنها، وأن تلك الوحدات التي جاءت في شكل نجدات للجيش الإسلامي، بعد انصراف نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم، حيث أن تلك الوحدات قد ضيقت الحصار على قبيلة ثقيف وجندها، حتى استسلمت قبيلة ثقيف لهذه الوحدات، ومن ثم نزلت على حكم نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم.

وأنّ كل ذلك قد تم بقيادة الصحابي الجليل صخر أبي العيلة الأحمسي الذي جاء إلى مدينة الطائف بقومه (أحمس)، وكانوا من الفرسان.

فقد روى أبو داوود فقال: “حدثنا الفاروق عمر بن الخطاب أبو حفص رضي الله عنه حدثنا الفرياني حدثنا أبان حدثنا عمرو – هو ابن عبد الله بن أبي حازم – عن أبيه عن جده صخر – هو أبي العيلة الأحمسي – أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم غزا ثقيفاً، فلما أن سمع ذلك صخر، ركب في خيل يمد نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم، فوجده قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخر حينئذ عهداً وذمة، لا يفارق هذا القصر (يعني مدينة الطائف) حتى ينزلوا على حكم نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يفارقهم حتى نزلوا على حكم نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم”.

وقد كتب الصحابي الجليل صخر كتاباً إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كتاباً يبلغه أنّ ثقيف قد نزلت على حكمك، حيث قد روى أبو داوود فقال: “فقد كتب صخر إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “أما بعد فإن ثقيفاً قد نزلت على حكمك يا نبي الله الشريف، وأنا مقبل بهم في خيلي، فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف بالصلاة جماعة، فدعا للأحمس عشر دعوات ( اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها )”.

وأكمل أبو داوود فقال: “وأتى القوم فتكلم المغيرة بن شعبة ( الثقفي ) فقال: يا نبي الله صلى الله عليه وسلم إن صخراً أخذ عمتي ودخلت فيما دخل فيه المسلمون ، فدعاه فقال: يا صخرا إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته، فدفعت إليه، وسأل نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف مع ماء لبني سليم قد هربوا عن الإسلام وتركوا ذلك الماء، فقال: يا نبي الله الشريف محمد صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف أنزلنيه أنا وقومي؟ قال عليه افضل الصلاة والسلام: نعم”.

وأكمل أبو داوود فقال: “فأنزله وأسلم الأسلميون، فأتوا صخراً فسألوه أن يدفع إليهم الماء فأبى، فأتوا رسول الله، فقالوا: يا نبي الله صلى الله عليه وسلم أسلمنا وأتينا صخراً ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا، فقال نبي الله صلى عليه وسلم الكريم الشريف: يا صخر إن القوم إذا أسلموا وقد أحرزوا أموالهم ودماءهم فادفع إليهم ماءهم، فرأيت وجه نبي الله محمد الشريف صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذ الجارية وأخذه الماء”. تفرد به أبو داود .

قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية معقباً ومعلقاً على قصة قبيلة ثقيف وصخر أبي العيلة: “قلت: وكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يؤخر الفتح عامئذ لئلا يستأصلوا قتلاً، لأنه قد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم لما كان خرج إلى مدينة  الطائف فدعاهم إلى الله سبحانه وتعالى وإلى أن يؤوده حتى يبلغ رسالة ربه عز وجل ، وذلك بعد موت عمه أبي طالب فردوا عليه قوله وكذبوه ولم يقفوا بجانبه، فرجع مهموماً”.

فقال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية معقباً ومعلقاً على قصة قبيلة ثقيف وصخر أبي العيلة: “فلم يستفق إلا عند فرن الثعالب فإذا هو بغمامة فيها جبريل، فناداه ملك الجبال، فقال: يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام، وقد سمع  سبحانه عز وجل قول قومك لك وما ردوا عليك، فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم: بل استأني بهم لعل الله سبحانه وتعالى أن يخرج من أصلابهم من يعبده وحده لا يشرك به شيئاً”.

فقال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية معقباً ومعلقاً على قصة قبيلة ثقيف وصخر أبي العيلة: “فناسب قوله: بل استأنی بهم أن لا يفتح حصنهم لئلا يقتلوا عن وأن يؤخر الفتح ليقدموا بعد ذلك مسلمين في رمضان من العام المقبل ( أي عام تسع للهجرة ). وهو العام الذي وفد فيه سادات قبيلة ثقيف إلى المدينة المنورة فأعلنوا إسلامهم وإسلام قبيلة ثقيف وناسها”.

وسياق ما ذكره الإمام أبي داود في صحيحه يدل على أنّهم إنّما وفدوا بعد أن حل بساحتهم صخر أبو العيلة وقومه الأحمس من بجيلة ولم يفك الحصار عنهم حتى نزلوا على حكم نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف، فجاءوا إلى المدينة فأسلموا، فأحرزوا دماءهم وأموالهم وصاروا قوة للإسلام والله علام الغيوب.


شارك المقالة: