تعتبر عطية الأولاد من الموضوعات التي ترتبط بعقد الهبة، وفيها أحكام فقهية تضبط العمل والتعامل بها، فلم يترك علماء الفقه أي مسألة في المعاملات إلّا ووضعوا أحكامها وضوابطها، ووجوب الالتزام بها خوفاً من الوقوع في الحرام، أو التسبب بما يؤدي إلى الضرر بالأفراد أو المجتمعات، وفيما يلي الأحكام التي تضبط عطية الأولاد.
أحكام عطية الأولاد:
من أهم الضوابط والأحكام التي وضعت في عطية الأولاد العدل والمساواة وعدم التفضيل بينهم، فقد اتّفق الفقهاء على ضرورة العدل في عطية الأولاد، كم أنّ التمييز بينهم من المكروهات، واستدلّوا على ذلك بما ورد عن النبي _عليه الصلاة والسلام_ من أحاديث، ومنها حديث النعمان بن بشير عندما طلبت أمه من أبيه أن يُشهد النبي _عليه الصلاة والسلام_ على عطيته وإخوته، فقال صلى الله عليه وسلم: “اتّقوا اللهَ واعدلوا بين أولادكم”. صحيح بخاري.
واختلف علماء الفقه في المقصود بالتسوية المذكورة في الحديث الشريف، فقال بعضهم يجب إعطاء الولد مثل البنت، وكان هذا ما قال به الجمهور، وقال البعض الآخر بأنّ التسوية تعني عطية الأولاد كما يكون نصيب كل منهم بالإرث، أي للذكر مثل حظ الأنثيين، واعتبروا أن العطية في حياة الشخص لأولاده إنّما هي استعجال لما سيكون لهم بعد موته، وأنّ الأولى في التعامل في القسمة بين الأولاد هو التعامل بقسمة الله تعالى، أي التوزيع بين الأولاد في حياة الشخص كما يكون التوزيع بالإرث.
وقال بعض الفقهاء أنّ الأصل في عطية الأولاد المساواة بينهم، وذلك استناداً لما جاء في ظاهر الحديث: “اعدلوا بين أولادكم”.
وأجاز بعض الفقهاء التفضيل بين الأولاد في العطية في بعض الحالات، مثل أن يكون أحد الأولاد أكثر حاجة من غيره، بسبب كثرة أفراد عائلته، أو أن يكون طالب علم ومنشغلاً بالعلم، أو يكون بحاجة لسداد ما عليه من دين، وقد يكون أحد الأولاد عاجزاً غير قادر على العمل، فيكون أكثر حاجة بسبب عدم وجود مصدر رزق أو كسب لديه ليلبّي احتياجاته ومتطلبات حياته. كما أجازوا التفضيل في التقسيم بين الذكر والأنثى، وإعطاء الذكر مثل الأنثيين، معتبرين أنّ الذكر أكثر إنفاقاً من الأنثى.
وأخذ جمهور الفقهاء بحكم الندب في المساواة بين الأولاد في العطية، والمساواة بين الذكر والأنثى.