تترتّب على عقد الوكالة مجموعة من الآثار، تتمثل بالأمور الفقهية التي تتعلّق في كل من العاقدين ومحل العقد، فإذا كانت مستوفية لشروطها كاملةً ومنعقدة على أساس عقد صحيح، وتنقسم هذه الآثار إلى الالتزامات الخاصة بالوكيل، والالتزامات الخاصة بالموكل، فما هي آثار عقد الوكالة التي تتعلّق في كل من الوكيل وعقد الموكل؟
التزامات الوكيل:
تتمثّل التزامات الوكيل في أمرين:
- تنفيذ الوكالة في حدود ما يتناوله التوكيل دون أن يتجاوزه.
- بذل العناية الواجبة في تنفيذ الوكالة.
وعلى الوكيل التصرّف في حدود ما يُسمح له التصرّف به فقط، ويجب عليه العمل بعناية وأمانة ودقة كما يعمل لنفسه، وهو مسؤولاً عن الضرر الذي يلحق بالموكل بسبب تقصيره وإهماله. وإذا خالف الوكيل الموكل في مصلحة الموكل لا تعتبر مخالفة، لأن ذلك فيه تحقيق للهدف الذي يعمل لأجله. ويُعتبر الوكيل في الفقه الإسلامي أمين، ولا ضمان عليه إلّا في حالة التعدّي أو التقصير، وهذا يقتضي عدم سؤال الوكيل عن الأضرار الناتجة عن سبب خارج إرادته.
والوكالة بأجر جائزة، لكن إذا كانت بأجر تعتبر يد الوكيل يد ضمان، وليس يد أمانة كما في الوكالة بدون أجر، والتزام الوكيل بأجر هو التزام لتحقيق غاية وليس ببذل عناية.
أمّا عن تعدد الوكلاء فقد يكون لكل وكيل عقد خاص به، ثم ينفرد كل وكيل بما وُكّل به، وللموكل أن يسمح بتعيين أكثر من وكيل في عقد واحد، وهنا عليهم العمل مجتمعين دون الانفراد، إلا في حالات العمل الذي لا يمكن الاجتماع على القيام به.
ويجوز للوكيل توكيل غيره حسب ما يشترط عليه الموكل، فإذا كان مصرّحاً للوكيل العمل برأيه، يجوز له أن يوكّل غيره، فتفويض الموكل للوكيل يعني إعطائه الإذن في التصرّف بما يراه مناسباً، وعلى الوكيل اختيار وكيلاً أميناً قادراً على المحافظة على مصلحة الموكل.
ولا يحق للوكيل استغلال ما يقبضه لحساب الموكل لمصلحته الشخصية إلّا إذا سمح له الموكل، وعليه رد كل ما يقع في يده للموكل من أموال ووثائق، وإن لم يفعل ذلك فهو غاصب ويلزمه ضمان ما في ذمته للموكل.
التزامات الموكل:
الأصل في الوكالة أن تكون تبرعاً، ولكن إذا تم اشتراط الأجرة، يجب على الموكل أن يدفع ما عليه من أجرة للوكيل، كما يحق للوكيل الحجز على ما في يده من أموال للموكل حتى يستوفي كافة حقوقه من الأجرة المتّفق عليها. وليس على الموكل دفع الأجرة للوكيل إذا لم يتم الاتفاق على وجود أجرة خلال انعقاد العقد، فإن طالبه الوكيل بعد ذلك فله أجر المثل فقط.
وعلى الموكل أن يرد للوكيل ما أنفقه من مال لتنفيذ الوكالة، كما يتحمّل مسؤولية أي ضرر يتعرض له الوكيل خلال العمل على تنفيذ الوكالة، ولا يستحق الوكيل الأجر إذا لم يقم بما وُكّل له بأكمل وجه.
ولا يجوز للموكل أن يُنقص من أجر الوكيل إذا اتّفق معه على الأجرة، وقام الوكيل بتنفيذ ما عليه من أعمال موكلة إليه، وعليه أن يرد له كل ما أنفق من ماله الخاص لتنفيذ الوكالة، أما إذا تجاوز الوكيل حدود الوكالة بسبب خطئه، واضطر للإنفاق من ماله الخاص لإتمام تنفيذ الوكالة، فليس على الموكل دفع ما هو مبالغ فيه من نفقات للوكيل، وعليه دفع ما هو متعارف عليه في تنفيذ الوكالة المتّفق عليها.
ومن اتزامات الموكل في الوكالة تعويض ما يتعرّض له الوكيل من أضرار خلال العمل في تنفيذ الوكالة، إذا تم تنفيذها كالمعتاد، ولم ينشأ الضرر عن تقصيره أو إهماله.
آثار الوكالة بالنسبة للغير:
إذا قام الوكيل بإنشاء عقد باسم الموكل، فإن الآثار التي تترتب على هذا العقد تُضاف إلى الموكل، مثل أن ينقل ملكية المبيع، أو ينقل ملكية المشتري، ومثلها الحقوق والالتزامات، نحو الزام البائع بتسليم السلع المباعة، أو رجوع المشتري على البائع بخيار العيب أو الرؤية، كل هذا يُضاف إلى الموكل، في حال عدم تجاوز حدود الوكالة من قِبل الوكيل، وهذا باتفاق الفقهاء.
ولا تُسند آثار ما يتفق عليه الوكيل مع غيره من تصرفات، إذا وُجد اتفاق بينهما لتسبب الإضرار بالموكل، أو في حال استغلال الوكيل للوكالة في مصلحته الشخصية، بعكس إذا تصرف دون غش أو تلاعب، حيث تُسند الآثار إلى الموكل، وإن لحق به الغبن نتيجة التصرف أو العمل في تنفيذ الوكالة.