الآداب العامة لتلاوة القرآن .
القرآن الكريم كلام الله تعالى، فقد ورد [عن أنس بن مالك:] إنَّ للهِ أَهْلينَ منَ النّاسِ، فقيل: مَن أهلُ اللهِ منهم؟ قال: أهلُ القُرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه.أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (٨٠٣١)، وابن ماجه (٢١٥)
ولتلاوة كلام الله آداب يجب مراعتها والمحافظة عليها، وهي :
- إخلاص النيَّة لله، والتجرُّد عن الأهواء والرَّغبات والأغراض الدنيوية الزائلة، لأنَّ هذه الأشياء إن وُجدَت كان حجاباً كثيفاً بين القارىء والسَّامع وبين كلام الله تعالى، قال الإمام النووي رحمه الله في التبيانظِ : وَروينَا عَن الإستاذِ أَبي القاسِم القُشيريِّ رحمهُ الله تعالى قال : الإخلاصُ إفرادُ الحقِّ سبحانَهُ وتعالى في الطَّاعة بالقصدِ، وهو أن يريدَ بطاعتهِ التَّقرُّب إلى اللهِ تعالى دونَ شيءٍ آخر من تصنُّعٍ لمخلوقٍ، أو اكتسابِ محمَدةٍ عند الناسِ، أو محبَّة مدحٍ من الخلق .
- تحسين الهيئة واستقبال القبلة، والتطهُّر والتطيُّب، وتنظيف الفم بالسِّواك، وترك العبثِ أو الالتفاتِ، قال الماورديُّ من أصحاب الشافعي : يُستحبُّ أن يستاكَ في ظاهر الأسنان وباطنها، ويُمرُّ السِّواك على أطراف أسنانه، وكراسي أضراسهِ، وسقف حلقهِ، إمراراً رفيقاً .
- استحضار القلب، والتأهُّب لقراءة القرآن كأنَّما يُسمع من الله سبحانه وتعالى [عن أبي قتادة الحارث بن ربعي:] أنّ النبيَّ ﷺ خرج ليلة فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلي يَخفضُ مِن صوتِه قالَ ومُرْ بِعمرَ بن الخطابِ وهو يُصلِّي رافعاً صَوتَهُ قال فلمَّا اجتمعا عندَ النَّبي ﷺ قال يا أبًا بكرٍ مررتُ بِكَ وأنتَ تصلِّي تخْفِضُ صَوتكَ قالَ: قد أسْمعتُ مَنْ نَاجيتُ يا رسولَ اللهِ قالَ وقالَ لعُمر مررتُ بكَ وأنتَ تصلِّي رافعاً صَوتكَ قال فقال يا رسول اللهِ أوقظ الوسنانَ وأطردُ الشيطانَ زاد الحسنُ في حديثهِ فقالَ النبي ﷺ يا أبًا بكرٍ ارفَع من صوتِكَ شيئاً وقال لعُمر اخفِضْ مِن صوتكَ شيئاً. أبو داود (٢٧٥ هـ)، سنن أبي داود ١٣٢٩.
- الاستعاذة : عند ابتداء القراءة؛ لقوله تعالى (فَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ ٱلرَّجِیمِ (٩٨) إِنَّهُۥ لَیۡسَ لَهُۥ سُلۡطَـٰنٌ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلۡطَـٰنُهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ یَتَوَلَّوۡنَهُۥ وَٱلَّذِینَ هُم بِهِۦ مُشۡرِكُونَ (١٠٠)﴾ [النحل ٩٨-١٠٠] قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : هكذا قال الجمهور، ثمَّ البسملة في كلِّ سورة سوى سورة (براءة) .
- الخشوع والتدبُّر في معاني القرآن، والوقوف على كل عبرة ومعنى والتأثر بكلِّ وعد ووعيد؛ قال تعالى ﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَیۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِیهِ ٱخۡتِلَـٰفࣰا كَثِیرࣰا﴾ [النساء ٨٢] وعن حذيفة بن اليمان:] أنه صلى مع النبي ﷺ فكان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى وما مر بآية رحمة إلّا وقف عندها فسأل ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ . أبو داود (٢٧٥ هـ)، سنن أبي داود ٨٧١.
- تحسين الصوت بالقرآن، وتجويده وترتيله ترتيلاً حسناً؛ قال تعالى یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ (١) قُمِ ٱلَّیۡلَ إِلَّا قَلِیلࣰا (٢) نِّصۡفَهُۥۤ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِیلًا (٣) أَوۡ زِدۡ عَلَیۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِیلًا (٤)﴾ [المزمل ١-٤] وعن البراء بن عازب: زينوا القرآنَ بأصواتِكم؛ فإنَّ الصوتَ الحسنَ يزيدُ القرآنَ حسنًا– السيوطي (٩١١ هـ)، الجامع الصغير ٤٥٦١ صحيح ،وعن أبي هريرة: ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ للنبيِّ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَغَنّى بالقُرْآنِ، وقالَ صاحِبٌ له: يُرِيدُ: أنْ يَجْهَرَ بهِ. صحيح البخاري ٧٤٨٢ • [صحيح] • أخرجه البخاري (٧٤٨٢).
- الاجتماع للقراءة، وتوسيع المجلس ليتمكن القرَّاء من الجلوس؛ فيه لما رُوي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ، وَيَتَدارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ، وَمَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ. غيرَ أنَّ حَدِيثَ أَبِي أُسامَةَ ليسَ فيه ذِكْرُ التَّيْسِيرِ على المُعْسِرِ. صحيح مسلم ٢٦٩٩.
- ويجب على السَّامع للقرآن أن يُنصت ويفكِّر في آياتِه، سواءٌ أكانَ يسمعُه من قارىء او مذياع .. لقوله تعالى ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُوا۟ لَهُۥ وَأَنصِتُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف ٢٠٤].
- أن يراعي حقَّ الآيات : فإذا مرَّ بآية سجود سجد، وكذلك إذا كان من غيره، وفي القرآن أربع عشرة سجدة، [عن أبي هريرة:] إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلَهُ، وفي رِوايَةِ أبِي كُرَيْبٍ: يا ويْلِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النّارُ. وفي رواية: فَعَصَيْتُ فَلِيَ النّارُ. مسلم (٢٦١ هـ)، صحيح مسلم ٨١