لقد كانت مسيرة الحديث مليئة بالرّواة الكبار من الصّحابة اولاً ثمَّ من التّابعين، وهما خير القرون كما ورد في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( خيركم قَرْني ثم الّذين يلونهم) كيف لا! والصّحابة حظيوا بصحبةِ خير الخلق محمّد عليه الصّلاة والسّلام وأخذوا الحديث منه بلا واسطة ولا جيل، والتّابعون من لحقوا خير تلك الصّحبة، وخرج منهم أسماءٌ تتلألأ في سماءِ الحديث، ونقرأ عن سيرتهم فنلمح اسماً بينهم يعتبر من كبارهم ومحدّثيهم ألا وهو أبو بردة فتعالوا معنا نتعرف على سيرته العطرة.
نبذة عن أبي بردة
هو: التابعيّ الجليل، أبو بُردة، الحارث بن أبي موسى الأشعريّ، وقيل اسمه عامر، وكنّاه والده المحدّث الصّحابي أبو موسى بأبي بردة بعد عودته من رضاعته بالبادية وعليه بُردة، وقيل كان يكتب الحديث عن أبيه فلمّا عرف ذلك أمرهُ أن يمحوه ويحفظ، وقد صحب الصّحابة ونقل الحديث عنهم وقد تولّى أبو بردة قضاء العراق، وتوفي في العام الرابع بعد المئة من الهجرة النّبويّة.
روايته للحديث
كان ابو بردة مصاحباً لابيه يروي الحديث عنه حِفظاً كما أَمره ، ولقي بعض الصّحابة وروى عنهم من أمثال:علي بن أبي طالب وأمّ المؤمنين عائشة وحذيفة بن اليمان وأبي هريرة وعبدالله بن عمر ومعاوية والبَراء بن عازِب وغيرهم ضوان الله عليهم كما روى عن بعض التّابعين كعروة بن الزّبير والأسود النّخعيّ وغيرهم عليه رحمة الله كما روى الحديث من طريقه كثير من التّابعين وأتباعهم أمثال:عامر الشّعبيّ وابو إسحاق السّبيعيّ والإمام الشّيبانيّ والخليفة عمر بن عبد العزيز وغيرهم كما وثّقَة كثير من علماء الجرح والتّعديل كابن سعد وغيره.
من رواية أبي بردة للحديث
ممّا ورد من الحديث من طريق أبي بُردة ما أورده الإمام مسلم في صحيحة عن أبيه أبي موسى الأشعريّ قال: ((سئل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن أشياءٍ كَرِهَها فلمّا أُكثِرَ عليه غّضِبَ ثم قال للنّاس: (سَلُوني عمّ شِئْتُم)، فقال رجل: من أبي؟ قال: ( أبوك حُذافة ) فقام آخر فقال: من أبي؟ يارسول الله ! قال: ( أبوك سالمٌ مولى شيبةَ )فلمّا رأى عمرُ ما في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الغضبِ قال يارسول الله ! إنّا نتوب إلى الله ))، من كتاب الفضائل رقم الحديث 2360.