القرض عقد مالي مشروع في فقه المعاملات، وحكمه مثبت في نصوص شرعية ثابتة ومتعددة، وهو عقد يقوم على مجموعة من الأركان كأي عقد مالي آخر في فقه المعاملات، وله ثلاثة أركان، وهي: الصيغة، والعاقدان (المقرِض والمقترض)، ومحل العقد وهو المال المُقرَض، وفيما يلي شروط كل ركن من أركان القرض.
أركان القرض وشروطه:
أولاً: الصيغة:
القرض من العقود التي تنعقد بأي لفظ صريح يدل على مضمون القرض، ويمكن استعمال ألفاظ قرينة تدل على القرض أيضاً، وذُكر القرض في النصوص الشرعية بألفاظ أخرى كالسلف والدّين.
ثانياً: العاقدان:
العاقدان في عقد القرض هما المُقرِض والمقترِض، ويجب أن تتوافر فيهما الأهلية للتبرّع، فليس من الصحيح أن نقترض من صبي أو مجنون، وهذا يتطلّب العقل والبلوغ وحسن التعامل في المال والتصرف به. وأيضاً لا يجوز للولي أو الوصي أن يُقرض من المال الموصى عليه، فهو ليس من أملاكه، وهو مؤتمن عليه، فلا يجوز أن يتصرف به لغير الضرورة، وفيما يُخالف مصلحة صاحب المال الموصى عليه.
وكذلك يجب مراعاة أهلية المقترض، والتأكد من قدرته على التصرف بالمال، وضمان الوفاء به،فإن قام شخص بإقراض من لا أهلية له في التصرف، فليس له حق مطالبته في الضمان، لأن غير العاقل لا ضمان عليه.
ثالثاً: محل العقد:
يتمثل محل العقد في القرض بالمال المقتَرض، ويجب أن يكون محل عقد القرض من الأموال التي يصح فيها القرض، وهذا أمر مختلف فيه عند الفقهاء، فذهب الحنفية إلى أن القرض يجوز في النقود والمكيلات والموزونات والمعدودات، والخبز سواء كان معدوداً أو موزوناً، وهذا كله يعتبر من المال المثلي.
أما عند جمهور الفقهاء فإن القرض جائز بكل ما يجوز به السلم من مال، سواء كان مثلياً، أو قيمياً. ولا يجوز القرض في الجلود والجواهر ومما لا يستطيع المقترِض أن يأتي بمثله، فالقرض يعتمد على رد المثل من المال. وعند الشافعية والحنابلة، فلا يجوز إقراض المنافع، فهي مما لا يجوز فيه السلم.
ومن شروط محل العقد في القرض، العلم بالمال المقتَرَض، فيجب أن يكون معلوماً عند العقد، حتى يستطيع المقترِض أن يرد، ويكون على علم بما يترتب عليه من دين، ويكون مما لا يختلط بغيره حتى لا يصعب على المقترِض الوفاء بمثل ما أخذ.