يقوم عقد الإيداع على أربعة أركان، وهي: الصيغة والمودع والوديع (العاقدان)، والوديعة وهي الشيء المودع عند الوديع، وهذا ما اعتمده جمهور الفقهاء في عقد الإيداع، وكما هو الحال في باقي العقود فإنّ كل ركن من أركان عقد الإيداع يجب أن ينضبط بعدة شروط، ليتم العقد بصورته الصحيحة وصفته المشروعة، وسنذكر فيما يلي شروط أركان عقد الإيداع، كما هي معتمدة في فقه المعاملات المالية الإسلامية.
شروط العاقدين:
يجب تحقق أهلية المتعاقدين لإنشاء العقد، ويكون كل منهما عاقلاً، أما البلوغ فهو من الشروط المختلف فيها في عقد الإيداع، حيث قال البعض بعدم اشتراط البلوغ وكفاية العقل والتمييز، فيجوز الإيداع من قِبل الصبي المميز، وهناك من اشترط العقل والبلوغ في كلا العاقدين عند إنشاء عقد الإيداع.
والرأي الراجح في ذلك جواز إيداع الصبي غير المميز، والمأذون بالتجارة، عند الشخص البالغ الرشيد؛ لأنّ ذلك في مصلحة الصبي وإن كان غير مميز. أما الاستيداع عند غير المميز فلا يجوز، ويجوز الاستيداع عند المميز المأذون بالتجارة.
شروط الصيغة:
ينعقد عقد الإيداع بأي لفظ يدل على مضمونه، مثل قول استودعتك على هذا المال، أو قول احفظ لي ها الشيء، كما يمكن للوديعة أن تتم دون لفظ مباشر يدل عليها، فقد يُستدل على الإيداع بالحال، مثل وضع المال عند الغير والائتمان عليه دون أن يعترض الآخر.
شروط الوديعة:
يُشترط في الوديعة أن تكون من الأموال القابلة لإثبات اليد عليها، وممّا يمكن تسليمها، ولا يتم عقد الإيداع إلّا بعد قبض الوديعة، كما في عقود الهبة والقرض والرهن، وقد يكون القبض حقيقياً، أي بأن يأتي المودع بالمال، ويقول للوديع: استودعتك على هذا، أو أي لفظ يدل على ذلك، ويرد عليه الوديع بالقبول.
وقد يكون القبض حكمياً، كأن يضع المودع المال عند الوديع، فيراه الوديع ويسكت، فيُصبح المال وديعة في ذمة الوديع، والسكوت هنا في معرض الحاجة إلى البيان بيان، حسب القاعدة الفقهية.
أما عن أخذ الأجرة على الوديعة فاختلف الفقهاء في ذلك، وكان هناك مجموعة من الآراء في حكم تقاضي الأجرة، والرأي الراجح جواز أخذ الأجرة مقابل حفظ الوديعة، وتحقيق منفعة حرزها، وهذا يكون مقابل القيام بالواجب كمكافأة، وفي ذلك تشجيع للناس على الإقبال على التبرع بحفظ أموال الغير وقبول ودائعهم؛ لِما فيه من تحقيق للمصالح وتفعيل سبل التعاون والتكافل بين الناس.