مازلنا نجوب في رحلتنا في الحدّيث النّبويّ الشّريف في ديار المحدّثين من طبقة التّابعين رحمهم الله تعالى، ذلك الجيل الّذي حمل الأمانة عن الصّحابة رضوان الله عليهم، وقد مرّ الحديث في زمنهم بمرحلة جديدة من التّدوين أكثر من جيل الصّحابة وذلك للخوف على ضياعِهِ بفقدانِ منْ حَمَلُوه من جيلِ الصّحابة رضي الله عنهم وقد برَزَتْ منهم أسماءٌ لازالت مُدَوَّنَةً بسندِ الحديث إلى يومنا هذا، ومنهم الرّاوي المحدّث أنسُ بن سيربنَ رحمه الله فلنقرأ في سيرته مع الحديث.
نبذة عن أنس
هو: التّابعيّ الجليل، أبو مُوسى، أنّس بنُ سِيرينَ مولى الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بن مالك رضي الله عنه، وأخوه المحدّث محمّد بن سيرين ولد في آخر زمن خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وقيل أنّ أنس بن مالك منْ سمّاه بهذا الاسم، كان من التّابعين الّذين رووا عن صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان من المقلّين في الرّواية وكانت وفاته في العام الثّامن عشر بعد المائة من الهجرة النّبويّة.
روايته للحديث
يعتبر أنسُ بنُ سِيرينَ من رواة الحديث من التّابعين عن الصّحابة، وممّن روى عنهم من الصّحابة: مولاه أنس بن مالك وعبدالله بن عبّاس وعبدالله بن عمر الفاروق وغيرهم رضي الله عنهم، كما روى عن عددٍ من التّابعين من أمثال: القاسم بن محمّد بن الصّديق أبي بكر ومسروقِ بن الأجْدَع وأبي عُبَيدةَ بنِ حذيفةَ وابن عبداللهِ بنِ مسعودٍ وغيرهم عليهم رحمة الله، كما روى الحديث من طريق أنسٍ كثير من الرواة من أمثال: أيوبُ السّختيانيّ وحمّاد بن زيدٍ وشعبةُ بن الحجّاج وعَوْف الأعرابيّ ويونسُ بن عُبيدٍ وغيرهم رحمهم الله، وكان من الثّقات عند أهل الحديث مع قلّة مرويّاتِهِ وروى له جماعة الحديث.
من رواية أنس للحديث
ممّا ورد من رّواية أنسِ بن سِيرين للحديث ما أورده الإمام مسلم بن الحجّاج في صحيحه: (( حدّثنا همّام، حدّثنا أنسُ بنث سيرينَ قال: تلقّيْنا أنسَ بنَ مالكٍ حينَ قَدِمَ الشّامَ فَتَلَقَّيْناهُ بِعيْنِ التّمرِ فَرَأيْتُهُ يُصَلِّي على حمارٍ وَوَجههُ ذلِك الجانِبَ ـ وأوْمأ همّامٌ عنْ يسارِ القِبْلَةِ ـ فقلْتُ له: رأيْتُكَ تُصلِّي لِغَيْرِ القِبْلَةِ، قال: لولا أنِّيْ رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَفْعَلُهُ لمْ أفْعَلْهُ)) من كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث702.