من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أخلصوا النّيّة في طلب العلم، فكان منهم المحدّثون الّذين بذلوا الغالي والنّفيس في سبيل حفظ هذا العلم الشّرعيّ، ورحلوا في طلب حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شهوراً وأياماً، ومنهم من صاحبوا الصّحابة رضوان الله عليهم لأنّهم يعلمون أنّهم باب العلم فأخذوا منهم الحديث ونقلوه وبرعوا في التثبت من هذا العلم إنّهم التّابعون، ومن خلال مسيرتنا في سِيَر التَابعين وصلنا إلى التّابعيّ إسحاق بن عبدالله فتعالوا معنا في سيرته العطرة.
نبذة عن إسحاق
هو التّابعي الجليل، أبو محمّد، إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة الأنصاريّ، من التّابعين الصغار، كان من الفقهاء والمحدّثين في زمانه من رواة الحديث من الصّحابة، نشأ في عائلة من رواة الحديث فجدُّه الصّحابيّ زيد بن سهل وأبوه عبدالله من محدّثي التّابعين وعمُّه أنس وقد كان من أخوته المحدّثين عمرو وعمر وغيرهم، توفي في المدينة المنوّرة في العام الثاني والثّلاثين بعد المائة من الهجرة.
روايته للحديث
كان إسحاق بن عبدالله من الّذين أدركوا صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وروى عنه الحديث كعمّه أنس بن مالك، وروى عن كثير من التّابعين كأبيه عبدالله وشيبة الخَضريّ و صالح السّمان وسعيد بن يسار والطّفيل بن أبي كعب وغيرهم رحمهم الله، كما روى من طريقة الحديث كثير من الرّواة كهمّام بن يحيى ويحيى بن كثير وسفيان بن عيينة وعكرمة بن عمّار ويونس اليماميّ وغيرهم رحمهم الله، مكا وثّقه كثير من أهل الجرح والتّعديل وروى له جماعة الحديث.
من رواية إسحاق للحديث
ممّا ورد من رواية إسحاق بن عبدالله للحديث ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: (( حدّثنا عِكرمَةُ بن عمار، حدّثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، حدّثنا أنس بن مالك، هو عمّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( لله أشدُّ فرحاً بتَوْبَة عبدِهِ حينَ يتوبُ إلَيْهِ، من أحَدِكُم كان على راحِلَتِهِ بأرضٍ فَلاةٍ فانفَلَتَتْ منهُ وعليها طَعامُهُ وشَرابُهُ فأيِسَ منها فأتى شجرةً فاضطَجَعَ في ظلِّها قدْ أَيِسَ منها فبيْنَا فبيْنَا هوَ كذلكَ إذا هو بها، قائمةً عنْدَهُ فأخذَ بِخِطامِها ثمَّ قال من شدّة الفرحِ اللّهم أنتَ عبدي وأنا ربُّكَأخطأ من شدّة الفَرَحِ) من كتاب التّوْبة، رقم الحديث 2747)).