ما زلنا نجوبُ في رحلتنا في علم الحديث النّبويّ الشّريف، ونبحث في سير الرّواة المحدّثين، من زمن صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العدولِ الثّقاتِ، من كانوا بوابةً لنقل الحديث ورواياته فكانوا الأمَناء على الحديث فنقلوه لمن جاء بعدهم من عصر التّابعين الأخيار، وبرزمنَ التّابعين من أحدثوا تغييراً في أصول رواية الحديث بالتّثبت والتدوين وها نحن نَصِلُ في البحث عنهم إلى تابعيِّ جليلِ كان له الأثر في علم الرّواية إنّهُ القاسِم بنُ مُخَيْمِرَةَ فتعالوا نقرأ في سيرته.
نبذة عن القاسم بن مخيمرة
هو: التّابعيُّ الجليل،أبو عُروة، القاسمُ بنُ مُخَيْمِرَة الهمدانيُّ، كان يسكن الكوفة بالعراق، قبل أن يرحل إلى الشّام ويقيم بدمشق، عمل في تعليم الكتاتيب فيها، وكان يُعرَف رحمه الله بزهده في الدّنيا، وكان يخرج من حينٍ لآخر متطوعاً يجاهدُ في سبيلِ الله، وجمع من علم الحديث من طريق الصّحابة والتّابعين وكانت وفاته في العام المائة من الهجرة وقيل في العام الأوَّل بعد المائة.
روايته للحديث
كان القاسمُ بنُ مُخَيْمِرَة الهمّدانيُّ من التّابعين الّذين رووا عن الصّحابة من أمثال: أبي سعيدٍ الخدْرِيِّ وعبداللهِ بنِ عمرو بن العاصِ وأبي أمامة الباهِلِيِّ وغيرهم رضي الله عنهم، كما روى عن جملة من التّابعين من أمثال: علْقَمةَ النّخعِيِّ وسليمان بنِ بُرَيدةَ وأبي بُرْدةَ بنِ أبي موسى وغيرهم رحمهم الله، كما روى الحديث من طريقه كثيرٌ من المحدّثين من أمثال: أبي إسحاقَ السُّبيعيِّ وسِماكِ بنِ حربٍ وإسماعيلِ بنِ أبي خالدٍ والأوزاعِيِّ وعبدِالرّحمنِ بنِ يزيدٍ وغيرهم يرحمهم الله وكان من أهل الثّقة في الرّواية وحديثُه في كتب جماعة الحديث.
من رواية القاسم بن مخيمرة للحديث
ممّا ورد من رواية الحديث النّبويّ الشّريفِ من طريق القاسمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ ما أورده الإمام مسلم بن الحجّاجِ في صحيحه: (( حدّثنا الحَكَمُ بنُ موسى القَنْطَرِّيٌّ حدثنا يحيى بنُ حمزةَ عنْ عبدِالرّحمنِ بنِ يزيدَ بنِ جابرٍ أنَّ القاسِمَ بنَ مُخَيْمِرَةَ حدّثَهُ قال: حدّثني أبو بُردةَ بن أبي موسى قال: وَجِعَ أبو موسى وجَعاً فَغُشِيَ عَلَيْهِ ورَأسُهُ في حَجْرِ امْرأَةٍ مِنْ أهلِهِ فَصاحَتِ امرأةٌ منْ أهْلِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُرَدَّعَلَيْها شَيْئاً فلمّا أفاقَ قالَ: أنا بَريءٌ ممّا بَرِئَ مِنْهُ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمِ فإنَّ رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّمَ بّرِئَ منَ الصَّالِقَةِ والحالِقَةِ والشَّاقَّة )) من كتاب الإيمانِ، رقم الحديث 104.
