لا زالت أمّة الإسلام بتشريعاتها من أقوى الأمم بثبوت ما ورد من مصادرها بسند متّصل حتى سيدنا محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكانت تنقل ما ورد من نبيّها من القرآن والحديث النّبويّ من جيل إلى جيل وبخبرٍ صادقٍ بثقة من ينْقُلُ، وقد مرّ الحديث الشّريف بمراحل متتالية لنقله بين الصّحابة الكبار رضوان الله عليهم والتّابعين من بعدهم وبرز من جيل التّابعين من اشتغلوا برواية الحديث النبوي الشريف فكانوا كباراً في أجيالهم ولهم الفضل في نقل الرّواية ومن الّذين اشتهِروا في الرّواية من التّابعين أبوقلابة، فتعالوا معنا في سيرته العطرة.
نبذة عن أبي قلابة
هو التّابعي الجليل، أبو عمرو عبدالله بن زيد ، أبو قِلابَة الجرميُّ، من طبقة التّابعين الثّانية برفقة الحسن البصريّ وغيره، فيقال له عبدالله بن زيد البصريّ وسافر إلى الشّام بعد رفضة تولي القضاء في العراق في زمن الحجّاج بن يوسف الثقفي وبعد توصية الخليفة عبدالملك فيه مكث في الشّام إلى أن سافر لمصر أيّام ولاية عبدالعزيز بن مروان ، ثمّ كانت وفاته في الشآم سنة مئةٍ وسبعةٍ من الهجرة النّبويّة.
روايته للحديث
كان أبو قِلابَة من المحدّثين التّابعين المشهورين بين أقرانه، وروى الحديث النبوي الشريف من طريق الصّحابة عن عدد منهم كأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وسَمُرَة بن جندب وعبدالله بن عمرالفاروق وعمر بن الخطّاب ومعاوية وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً كما روى عن عدد من التّابعين كعبدالله الجُمَحيّ وسالم بن عبدالله وعَنبسة الأمويّ والخَوَلاني والصنعانيّ وغيرهم عليه رحمة الله، ووثّقَه كثير من علماء الجرح والتّعديل وروى له جماعة الحديث.
من رواية أبي قلابة للحديث
ممّا ورد من رواية أبي قِلابة للحديث النّبويّ الشريف ما أورده الإمام مسلم في صحيحه من طريق أبي قِلابة (( عن أَبي أسماء عن ثَوْبان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّ الله زَوَى ليَ الأرضَ فرأيتُ مشارقَها ومَغارِبَها وإنّ أمّتي سَيَبْلُغُ مُلكُها ما زويَ لي منها وأُعْطِيتُ الكَنْزينِ الأحمرَ والأبيضَ وإنّي سألت ربِّي لأُمّتي أنْ لا يُهْلِكَها الله بِسنَةٍ عامَّة وأنْ لا يُسَلِّط عليهم عدواً من سوى أنْفٌسِهِمْ فَيَستَبيحُ بَيْضَتَهُمْ) إلخ الحديث)) من كتاب الفتن ، رقم الحديث 2889.