الإيمان بالقدر خيره وشره

اقرأ في هذا المقال


يقوم الدين الإسلامي على الإيمان بالله تعالى، والملائكة والكتب السماوية، والرسل، يليها الإيمان باليوم الآخر، ثم الإيمان بالقدر خيره وشره، ويترتب على الإيمان بالقدر في الشريعة الإسلامية عدة أحكام، سنتعرف عليها في هذا المقال إن شاء الله تعالى.

حكم الاحتجاج بالقدر:

بما أنّ كل ما يحدث للإنسان في حياته هي أمور مقدرة من الله سبحانه وتعالى، وواقعة بقضائه عز وجل، فالإيمان بالقدر هو الملجأ لتبرير قبول الأحداث والرضا بها، ويحتج المسلم بالقضاء والقدر على كل ما يحصل له من مصائب؛ لأنّ ذلك كله بيد الله سبحانه وتعالى، حيث قال تعالى: “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ”سورة التغابن 11.

لكن لا يجوز تبرير فعل المعاصي وارتكاب الذنوب بالقدر، فالاحتجاج بالقدر على ارتكاب المعاصي يتناقض مع دعوى الله تعالى، ويكون العبد قد اعتدى على حكم الله تعالى بفعل المعاصي، حيث بعث سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل للعباد، وأمرهم ببيان طريق الخير من طريق الشر، وبالمقابل أكرم الله تعالى عبده بالعقل والتدبر، ليميز الهدى من الضلال، فقال عز وجل: “إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا”سورة الإنسان 3.

وعلى المسلم الذي يرتكب معصية، مثل ترك بعض العبادات المفروضة، أو القيام بفعل يغضب الله تعالى مثل القتل أو السرقة أو شرب الخمر، بالتوبة إلى الله تعالى؛ لأنّه يكون قد استحق العقاب على فعل المعصية، ولا يمكن له أن يحتج بأنّ قيامه بمثل تلك الأفعال غير المشروعة هو قدر من الله تعالى.

حكم ترك العمل والاتكال على القدر:

لا يجوز للمسلم أن يترك العمل والسعي في الدنيا، ويتكل على ما يأتي به القدر، بحجة أن كل شيء مقدر بقضاء الله عز وجل، ويجب عليه أن يعمل ويسعى للوصول إلى ما قسم الله تعالى له من رزق، وقال رسول الله _عليه الصلاة والسلام_ في ذلك: “اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له” حديث متفق عليه.

والمسلم الذي يؤمن بالله تعالى هو المؤمن الذي يسعى لطلب رزقه، ويحرص على تحقيق منفعته في الدنيا والآخرة مستعيناً بقدرة الله تعالى وحده، وعليه بالأخذ بالأسباب وعدم التواكل، ويرضى بكل ما يُقسم له من رزق، ولا يندم على أي مكروه يصيبه.

الحكمة من المصائب والكروب:

يتولد لدى الإنسان إحساس بالكبرياء عندما يشعر بأنه قوي، فيطغى ويستكبر في بعض الأحيان، معتقداً أنه لن يكسره شيء، لكن عندما يمر في فترات تقلل من قوته؛ بسبب ما يحصل له من كرب، يدرك عندها أنه لا يقدر على إنقاذ نفسه، ويزول ما في نفسه من كبر وطغيان.

ويعلم بأن عليه اللجوء إلى الله تعالى ليتخلص بقدرته مما وقع فيه من مصائب، وأنّ كل ما مرّ به من كبرياء وقوة هو مجرد هباء لا قيمة له أمام إرادة الله تعالى وقدرته، قال تعالى: “وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ” سورة فصلت 51.


شارك المقالة: