الخولاني ورواية الحديث

ما أجمل سِيَرَهم!، وما أجمل مايرْوُونَ! كلام سيد الخلق محمّد صلّى الله عليه وسلّم، علمٌ يدرَّس لهذه الأمة؟ لطلّابِ العلم الّذين يبحثون عن الخبر الصّادق والمنقول بالتَواتُر، والمقرون بالسّند المتّصل، هم الصّحابة منْ لازموا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هم التّابعون من صَحِبوا صحبة نبيّنا الأعظم، أينما ندخل في كتب الحديث نجد أسماءهم تنوّر سند الحديث المعطّر بمسك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وما زلنا نجوب في تاريخهم حتى وصلنا إلى أبي إدريس الخَولانيّ فكتبنا في سيرته العطرة.

نبذة عن أبي إدريس الخولانيّ

هو التّابعيّ الجليل، أبو إدريس، عائذُ بن عبدالله الخَولانيّ، من التّابعين ورواة الحديث المخَضْرَمين ، ولد في العام الثامن للهجرة النّبويّة، ووالده له صحبة، لم يرَ النّبي صلّى الله عليه وسلّم لصغر سِنّهِ، ولحق عدداً من الصّحابة الكرام وروى عنهم الحديث، روي أنّه استلم القضاءَ بدمشق، واشتهر بالوَعظ والقصّة، وكان يقدّمه أقرانه من التّابعين لعلمه وفقهه وحديثه، وقد عاش أكثر من سبعين عاماً وتوفي في العام الثّمانين من الهجرة.

روايته للحديث

كان أبو إدريس الخولانيّ من المحدّثين الّذين رَوُوا عن صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كثيراً من الأحاديث وممّن حدّث عنه منهم: حذيفة بن اليمان وأبي موسى الأشعريّ وأبي الدرداءِ وأبي هريرة والمغيرةِ ومعاذِ بن جبل رضي الله عنهم جميعاً كما حدّث عن التابعي المخضرم أبو مسلم الخولانيّ، وروى الحديث من طريقه كثيرٌ من التّابعين وأتباعهم كابن شهاب الزّهريّ وأبوقِلابة الجرميّ ويحيى الغسّانيّ وغيرهم وكان من الثّقات الّذين وثَّقوهم أهل الجرح والتّعديل.

من رواية أبي إدريس للحديث

ممّا روي من طريق أبي إدريس الخَولانيّ من الحديث ما أورده الإمام مسلم في صحيحه (( أنّ أبا إدريس الخولانيّ كان يقول: قال حذيفة بن اليمان: والله! إنّي لأعلَمُ النّاسَ بِكلِّ فتنة هي كائنةٌ، فيما بيني وبينَ السّاعةِ، وما بِي إلّا أنْ يكُونَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم أسَرَّ إلَيَّ في ذلكَ شيئاً لمْ يُحَدِّثْهُ غيري ولكنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلَم قال وهُوَ يحَدّثُ مَجْلِساً أنا فيهِ عنِ الفِتَنِ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهُوَ يَعُدٌّ الفِتَنَ: (منْهُنَّ ثلاثٌ لا يَكَدْنّ يَذَرْنّ شيئاً ومِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِياحِ الصَّيْفِ، منها صِغارٌ ومنها كِبارٌ)، قال حذيفة: فّذهَب أُولئكَ الرّهْطُ كلُّهُمْ غَيْري))، من كتاب الفِتَنْ، رقم الحديث 2891.