تفقد جيش المسلمين الجرحى والقتلى بعد المعركة الدايمة التي جرت بين الفريقين، وقام المسلمون بدفن الشهداء الكرام رضي الله عنهم كما أمرهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعدها استعد الجيش للرجوع إلى المدينة المنورة.
الرجوع إلى المدينة
رجع النبي ومعه جيش المسلمين إلى المدينة بعد أن أتموا عملية دفن الشهداء، وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم بوادر التفاني والمحبّة من المؤمنات الصادقات مثلما لقيه من المؤمنين الصادقين.
وقد لقي النبي في طريق رجوعه إلى المدينة الصحابية حمنة بنت جحش، أخت الشهيد الصحابي الجليل عبد الله بن حجش رضي الله عنه وأرضاه، ونعى النبي إليها أخوها عبد الله وخالها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهم، ثمّ استرجعت واستغفرت لهما، ثمّ نعى لها زوجها الشهيد الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه، ثمّ صاحت حمنة وولولت، عندها قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ زوج المرأة منها لبمكان).
ومرّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة قد أصيب زوجها وأبوها وأخوها في غزوة أحد، وكانت هذه المرأة من بني الدينار، وقام الصحابة بنعي المرأة، ولكنَّها سألت عن حال النبي وما فعل رسول الله، فردوا عليها أنَّ سيدنا محمد بأفضل حال كما تحبين، فطلبت أن ترى النبي حتى تطمأن، فلما رأت النبي قالت: ( كل مصيبة بعدك جلل).
وبعد وصل النبي إلى المدينة المنورة في يوم السبت وكان يوم السابع من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة النبوية الشريفة، حيث طلب النبي من ابنته السيدة فاطمة أن تغسل سيفه من الدماء، وقام أيضاً سيدنا علي بن أبي طالب وطلب منها نفس الشئ.
وبات الصحابة والمسلمون في تلك الأيام في حالة طوارئ بعد العودة من تلك الغزوة المتعبة جداً والدامية، وكان التعب قد أنهكهم بشكل كبير جداً، حيث استمروا في حراسة أنقاب المدينة المنورة وحراسة قائدهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بشكل خاص.
وقد نزلت آيات في غزوة أحد فقال سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: ( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )…سورة آل عمران.