هناك من يملك الأرض المزروعة، لكنه غير قادرٍ على الاهتمام بالشجر والأرض للصول على ناتج منها، وقد يلجأ إلى استئجار مَن يقوم بذلك ليستفيد من زرعه وأرضه، وهذا ما يُسمّى في فقه المعاملات بعقد المساقاة، فما المقصود بالمساقاة؟ وما حكمها؟ وما الأركان التي تعتمد عليها؟
مفهوم عقد المساقاة:
عقد المساقاة هو عقد بين صاحب الأرض الذي يملك الشجر وشخص آخر، ليعمل في الأرض ويُقدّم ما يحتاجه الشجر، مقابل أن يكون له حصة من المحصول الناتج. وتتمثّل حاجات الشجر بالسقي والتقليم، وإزالة النباتات الضارة وغيرها.
حكم المساقاة ومشروعيتها:
تبعاً لرأي جمهور الفقهاء فإنّ عقد المساقاة عقد جائز، لِما ورد عن النبي _عليه الصلاة والسلام_ أنّه تعامل بها مع أهل خيبر، كما ثبتت مشروعية المساقاة في إجماع الصحابة _رضي الله عنهم_، وهي من المعاملات التي يحتاجها الناس للاستفادة من ناتج الأرض، سواء مِن قِبل العامل، أو مالك الشجر.
أمّا عن لزومية عقد المساقاة فهي من العقود اللازمة التي لا يصح فسخها، إلّا بموافقة أطراف العقد ورضاهم، أو حصول حدث يكون مبرراً يُجيز فسخ العقد.
أركان عقد المساقاة:
يمكن معرفة أركان عقد المساقاة من خلال مضمون العقد نفسه وهي: المعقود عليه وهو الشجر الذي يُقدّمه المال للعامل ليعمل به، والعمل وهو تقديم احتياجات الشجر من العامل، ومدّة العقد، وحصة العامل التي يُتّفق عليها من الناتج، وصيغة العقد التي تدلّ على إنشاء العقد.
شروط صحة عقد المساقاة:
- قدرة العاقدين على التصرّف وإنشاء العقد، من خلال أهلية كل منهما.
- أن يكون الشجر المعقود عليه من الأشجار المثمرة، وأجاز بعض الفقهاء العقد على الشجر غير المثمر، مبررين ذلك بأنه يحتاج إلى الرعاية والسقي.
- معلومية محل العقد، فعلى مالك الشجر تحديد الشجر الذي سيعمل به العامل.
- عدم اشتراط عمل مالك الشجر في الأرض، وذلك بتقديم الشجر للمساقي دون التدخل بالعمل من قِبل المالك، وإن وقع ذلك يفسد العقد.
- يجب الاتّفاق على مدة زمنية كافية لتحقق نضوج الثمر وجنيه، أو تركها لما يتناسب مع إدراك الثمر.
- لا يجوز تخصيص بعض الشجر، لاقتطاع حصة العامل منه، فقد يكون من الشجر قليل الثمر، فالمساقاة الصحيحة هي الاشتراك بناتج كافة الشجر المعقود عليه دون تخصيص، ويتم اقتسام الناتج حسب النسب المعلومة ضمن الاتّفاق في العقد.