تعريف علم أصول الفقه

اقرأ في هذا المقال


الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين وبعد فإنّ فقهاء الشريعة الإسلامية، رحمهم الله تعالى، وضعوا لنا علماً جليلاً القدر عظيم الفائدة لا مثيل له عند أمم الأرض قاطبة لا في القديم ولا في الحديث، ذلك هو علم أصول لفقه، وكان الغرض من وضعه وبناء صرحه وتوضيح معالمه وجوانبه ومعانيه خدمة للإسلام عن طريق فهم كتاب الله وسنة رسوله، واستنباط الأحكام من نصوصهما المعتبرة في ضوء قواعد ومعاني هذا العلم علم أصول الفقه.

استنباط الاحكام الشرعية:


استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها المعتبرة شرعاً، لا يكون عن هوى وكيفما اتفق، بل لا بد من مسالك معينة يملكها المجتهد، وقواعد خاصة يسترشد بها، وضوابط يلتزم بمقتضاها، وبهذا يكون اجتهاده مقبولاً، ووصوله إلى الأحكام الصحيحة ممكن وميسور والعلم الذي يعنی ببحث مصادر الأحكام وحجيتها ومراتب الاستدلال بها، وشروط هذا الاستدلال، ويرسم  مناهج الاستنباط، ويستخرج القواعد المعينة على ذلك، والتي يلتزم بها المجتهد عند تعرفه على الأحكام من أدلتها التفصيلية، هو علم أصول الفقه، ولهذا كان هذا العلم، كما قال العلامة ابن خلدون: من أعظم العلوم الشرعية وأجلها قدراً، وأكثرها فائدة.


علم أصول الفقه:

والحقُّ أنّ هذا المسلك يفيد الطالب المبتدئ من جهة تعريفه باصطلاحات القوم أهل هذا الفن، فلا يستوحش منها إذا رجع إلى كُتبهم، ولهذا فقد آثرنا أن نطرح هذا المنهج، فنذكر تعريف الأصول الفقه، باعتباره مركباً إضافياً، ثم تعريفه باعتباره لقباً في العلم الخاص، الذي نحن بسبيل دراسته .


تعريف أصول الفقه باعتباره مركبة إضافية :

تعريفهُ بهذا الاعتبار يستلزم تعریف جزئيه : أصول و الفقه. فالأصول : جمع أصل، وهو في اللغة: ما يبنى عليه غيره، سواء أكان الابتناءُ حسياً او عقلياً و يراد بكلمة الأصل عدّة معانٍ منها:

  • الدليل فيقال: أصل هذه المسألة الإجماع، أي: دليلها الإجماع. وبهذا المعنى قيل: أصول الفقه، أي: أدلته، لأنّ الفقه ينبني على الأدلة ابتناء عقليا .
  • الراجح مثل قولهم : الأصل في الكلام الحقيقة، أي: الراجح في الكلام حمله على الحقيقة، لا المجاز، ومنه: الكتاب أصل بالنسبة إلى القياس، أي: الراجح هو الكتاب.
  • القاعدة فيقال: إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل، أي: على خلاف القاعدة العامة، وقولهم: الأصل أنّ الفاعل مرفوع، أي: أنّ القاعدة العامة المستمرة هي رفع الفاعل، أو أنّ رفع الفاعل من قواعد علم النحو.
  • المستصحب: فيقال: الأصل براءة الذمّة، أي : يستصحب خلو الذمة من الانشغال بشيء حتى يثبت خلافه.

الفقه في اللغة:

أمّا الفقه في اللغة هو: العلم بالشيء والفهم له، ولكن استعماله في القرآن لكريم يرشد إلى أنّ المراد منه ليس مطلق العلم، بل دّقة الفهم، ولطُف الإدراك، ومعرفة غرض المتكلم، ومنه قوله تعالى: (قَالُواْ يَٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ) صدق الله العظيم- (هود: 91)، وقوله تعالى:( ۖ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا النساء) صدق الله العظيم -( ۷۸) أمّا الفقه في اصطلاح العلماء هو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، أو هو هذه الأحكام نفسها.

الأحكام الفقهية:

والأحكام : جمع حكم، وهو إثبات أمر لآخر، إيجاباً أو سلباً، مثل قولنا : الشمس مشرقة أو غير مشرقة، والماء ساخن أو غير ساخن. والمراد بالحكام هنا: ما يثبت لأفعال المكلفين من وجوب، أو ندب، أو حرمة، أو كراهة، أو إباحة، أو صحة أو فساد، أو بطلان. ولا يشترط العلم بجميع الأحكام الشرعية لصحة إطلاق كلمة الفقه ، فالعلم بجملة منها يسمّى فقهاً، كما تسمّى هذه الجملة فقهاً أيضا، ويسمّى صاحبها فقيهاً ما دامت عنده ملك الاستنباط.

قيد الأحكام الفقهية:


وقيدت الأحكام بكونها شرعية، للدلالة على أنها منسوبة إلى الشرع، أي: مأخوذة منه رأساً أو بالواسطة، فلا تدخل في التعريف الأحكام العقلية كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، وأنَّ الواحد نصف الاثنين، وأنّ العالم حادث ، ولا الأحكام الحسية : أي الثابتة بطريق الحس، كعلمنا أن النار محرقة، ولا الأحكام الثابتة بطريق التجربة: كالعلم بأنّ السم قاتل، ولا الأحكام الوضعية: أي الثابتة بالوضع، كالعلم بأنّ كان وأخواتها ترفع المبتدأ وتنصب الخبر. ويشترط في هذه الأحكام الشرعية أن تكون (عملية)، أي: متعلقة بأفعال المكلفين: كصلاتهم، وبيوعهم، وأشربتهم، وجناياتهم، أي : ما كان منها من العبادات أو المعاملات، فلا يدخل فيها ما يتعلق بالعقيدة .


شارك المقالة: