لقدْ كانَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ مبلّغاً للأمّةِ أحكامَ دينها، محذّراً منْ كلِّ ما يلْحقُ بها عذابَ اللهِ تعالى منَ المعاصي، كما بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ إلى أنّ كثرةِ المعاصي منْ علاماتِ اقترابِ السّاعةِ الّتي تقومُ على شرارِ الخلقِ، ومنْ علاماتها فقدانُ الأمانةِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يوردُ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ سنانٍ، حدّثنا فُليحُ بنُ سليمانُ، حدّثنا هلالُ بنُ عليٍّ، عنْ عطاءِ بنِ يسارٍ، عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “إذا ضُيّعتِ الأمانةُ فانتْظرِ السّاعةَ”. قال: كيفَ اضاعَتُها يا رسولَ اللهِ؟ قال: “إذا أُسْندَ الأمرُ إلى غبرِ أهلهِ فانتظرِ السّاعة”)). رقمُ الحديث: 6496.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المورودُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الرّقاقِ، بابُ: (رفعِ الأمانةِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليل أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ النّبويِّ الشّريفِ، أمّا ترجمةِ رجالِ الحديث البقيّةِ:
- محمّدُ بنُ سنانٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ سنانٍ الباهليُّ (ت:223هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- فُليحُ بنُ سليمانَ: وهوَ أبو يحيى، فُليحُ بنُ سليمانّ بنِ أبي المغيرةِ الخزاعيُّ (ت: 168هـ)، وهوَ صدوقٌ في رواية الحديث منْ أتباع التّابعين.
- هلالُ بنُ عليٍّ: وهوَ هلالُ بنُ عليِّ بنِ أسامةَ القرشيُّ ، وهوَ منْ ثقاتِ الرّواية للحديثِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- عطاءُ بنُ يسارٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، عطاءُ بنُ يسارٍ الهلاليُّ (19ـ94هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ المحدّثينَ للحديثِ منَ التّابعينَ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى علامةٍ منْ علاماتِ اقترابِ السّاعةِ وهي ضياعُ الأمانةِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ للسّائلِ أنّ ضياعِ الأمانةِ يكونُ بإسنادِ الأمرِ إلى غيرِ أهلهِ، وهوَ أنْ يستلمَ زمامَ الأمرِ منْ هوَ ليسَ بأهلِ الاختصاصِ فيهِ، فعالمٌ يعملُ بعلمٍ ناقصٍ، ومفتٍ يفتي بغيرِ علمٍ فيضلُّ النّاسَ بعلمهِ، وقاضٍ يحكمُ بهواهُ بغيرِ علمٍ، وفي ذلكَ تضييعُ الأمانةِ الّتي استُخلفنا لأجلِ تحقيقها في الأرضِ، ويضلُّ منْ بعدها النّاسُ ويهلكون.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ المستفادةِ منَ الحديث:
- ضياعُ الأمانةِ منْ علاماتِ اقترابِ السّاعةِ.
- ثِقلُ حملِ الأمانةِ في تضليلِ عبادِ اللهِ، ويجبُ على حامل الأمانةِ أنْ يتّقي اللهِ في موقعه.