لقدْ جاء الإسلامُ ليهذّبَ النّفسَ البشريّةَ ويدعوها إلى حسنِ الخلقِ وتركِ مالا ينفعُ منَ الأعمالِ والتّصرفات، ولقدْ نهى رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ عنْ عملٍ قدْ يضرُّ بالآخرينِ ويُكسبُ الإثمَ؛ وهوَ الجلوسُ في الطّرقاتِ، كما بيّنَ آدابه إذا كانَ لابدَّ منهُ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثني سويدُ بنُ سعيدٍ، حدّثني حفصُ بنُ ميسرةَ، عنْ زيدِ بنِ أسلمَ، عنْ عطاءِ بنِ يسارٍ، عنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ، عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “إيّاكمْ والجلوسُ في الطّرقاتِ”. قالوا: يا رسولَ اللهِ، مالنا بدُّ منْ مجالسنا نتحدّثُ فيها . قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “فإذا أبيتُمْ إلّا المجلسَ فأعطوا الطّريقَ حقّه”. قالوا: وما حقّهُ؟ قال: “غضُّ البصرِ وكفُّ الأذى، وردُّ السّلامِ، والأمر بالمعروفِ والنّهيِّ عنِ المنكر”)). رقمُ الحديث: 114/2121.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريّ في الصّحيحِ في كتابِ اللّباسِ والزّينة، بابُ: (النّهيُ عنِ الجلوسِ في الطّرقاتِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهو سعدُ بنُ مالكِ بنِ سنانٍ الخدريُّ، وهوَ منْ رواة الحديثِ منَ الصّحابةِ والمكثرينَ له، أمّا بقيّةُ الإسنادِ منَ الرّجال:
- سويدُ بنُ سعيد: وهو أبو محمّدٍ، سويدُ بنُ سعيدٍ الهرويُّ (140ـ240هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- حفصُ بنُ ميسرةَ: وهوَ أبو عمرَ، حفصُ بنُ ميسرةَ العقيليُّ (ت: 181هـ)، وهوَ من ثقات الرّواية للحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- زيد بن أسلم: وهوَ أبو أسامةَ، زيدُ بنُ أسلمَ القرشيُّ (ت: 136هـ)، وهوَ منْ مشاهير ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- عطاءُ بنُ يسارٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، عطاءُ بنُ يسارٍ الهلاليُّ (19ـ94هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ التّابعين.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى النّهي عنِ الجلوسِ في الطّرقات وأماكنِ تواجدِ العامة وسعيهم، ولقدْ نهى رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنِ الجلوسِ في الطّرقاتِ لأنّها أماكنُ لغوٍ وكلامٍ وعرقلة للنّاسِ وتكونُ عرضةً لكسب الآثامِ، ثمّ بيّن عليه الصّلاة والسّلامُ للصّحابةِ أنّ للطريقِ حقّه إذا كان لا بدَّ منَ الجلوسِ وهي غضُّ البصرِ عنْ محارمِ الله وكفُّ الأذى عنِ الآخرينَ وردُّ السّلامِ والبعدِ عنِ المشاحنات والأمر بكلِّ ما يحبّه الله تعالى والنّهي عنْ ما يبغضهُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- النّهيُ عنْ كراهة الجلوسِ في الطّرقات.
- الحفاظُ على أدب المسلم إذا كان لابدَّ منْ مجلسه في الطّريق.