لقدْ كانَ للفتنِ في حديثِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيراً منَ الشّواهدِ التّي أخبرَ فيها أصحابه رضوانُ اللهِ عليهمْ بأمورٍ غيبيّةٍ تسبقُ قيامَ السّاعةِ، وذلكَ ممّا أوحيَ إليه منَ اللهِ تعالى، وممّا أخبرَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بهِ منَ الفتنِ فتنة المسيحِ الدّجّالِ، تلكَ الفتنةُ الّتي كانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يتعوّذُ منها، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدّثنا شعبةُ، عنْ قتادةَ، عنْ أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قال: “ما بُعثَ نبيٌّ إلّا أنذرَ أُمّتهُ الأعورَ الكذّاب، ألا إنّهُ أعورُ، وإنَّ ربَّكمْ ليسَ بأعورَ، وإنّ بينَ عينيهِ مكتوبٌ كافرٌ”)). رقمُ الحديث: 7131.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الفتنِ، بابُ: (ذكرِ الدّجالِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ الأنصاريُّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ خادمُ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، ومنْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ، أمّا بقيّةُ سندِ الحديثِ منَ الرّجال:
- سليمانُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو أيّوبَ، سليمانُ بنُ حربِ بنِ بجيلٍ الأزديُّ (140ـ224هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّواةِ للحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ87هـ)، وهوَ منْ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ.
- قتادة: وهوَ أبو الخطّابِ، قتادةُ بنُ دِعامةَ بنِ عزيزٍ السّدوسيُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ المحدّثينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى فتنةٍ منَ الفتنِ الّتي أخبرَ عنها رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قبلَ قيامِ السّاعةِ، ألا وهيَ فتنةُ المسيحُ الدّجالِ، وقدْ ذكرَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ هذه الفتنة عظيمة وأنّ الأنبياءَ كلّهمْ أنذروا أقوامَهمْ هذه الفتنة لعظمها، وقدْ ذكرَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ منْ صفاتهِ أنّه يدّعي الرّبوبيّةِ وأشارَ إلى أنّهُ يميّزُ بأنّهُ أعورُ العينِ وإنّ اللهَ ليسَ بأعورَ، ومكتوبٌ بينَ عينيهِ كافرٌ لا يقرأُها إلّا المؤمنُ، كما أشارَ بشواهدَ أخرى منَ الحديثِ بأنّ فتنتهُ تطولُ كثيرٌ منَ النّاسِ الّذينَ يتّبعونَهُ وذلكَ لما يكونُ معهُ منَ العلمِ الباطلِ الّي يسحرُ أعينَ النّاسِ ويغيّرُ عقيدتهمْ، وقدْ كان عليه الصّلاةُ والسّلامُ يتعوّذُ منْ فتنته في الصّلاةِ لشدّتها على الأمّةِ، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- إعجازُ الحديثِ النّبويِّ بالإخبارِ عنْ غيبيّاتٍ تسبقٌ قيامَ السّاعةِ.
- عظمُ فتنةِ الأعورِ الدّجالِ.