لقدْ كانَ للصَّلاةِ في الإسلامِ المنزلةُ الكبيرةُ لأنَّها عمودُ الدِّينِ، وإنَّ لها منَ الآثارِ الّتي تعودُ على الفردِ والمجتمعِ منْ تنظيمٍ لأمورهِ ونهيهِ عنِ الفحشاءِ والمنكرِ، وجعلَ الإسلامُ صلاةَ الجماعةِ منْ صفاتِ المؤمنينَ، وجعلَ لصلاةِ الصُّبحِ وصلاةِ العشاءِ منزلةٌ كبيرةٌ لما فيها منْ أجرٍ ومشقَّةٍ، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ صلاة الصُّبحِ والعشاءِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريٌّ يرحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: (( حدَّثنا حفصُ بنُ عمرَ، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا الأعمشُ، قال: حدَّثني أبو صالحٍ، عنْ أبي هريرةَ، قال: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ليسَ صلاةٌ أثقلَ على المنافقينَ منَ الفجرِ والعشاءِ، ولو يعلمونَ ما فيهما لأتوْهما ولو حبواً، لقدْ هممتُ أنْ آمرَ المؤذِّنَ فيقيمَ، ثمَّ آمرَ رجُلاً يؤمُّ النَّاسَ، ثمَّ آخذَ شُعلاً منْ نارٍ فأُحَرِّقَ على منْ لا يخرُجُ إلى الصَّلاةِ بعدُ). رقمُ الحديثِ: 657)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الأذانِ، بابُ فضلِ العِشاءِ في الجماعةِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ صخرٍ الدُّوسيُّ، وهوَ منْ أكثرِ الصَّحابةِ روايةً للحديثِ، أمَّا بقيَّةُ رجال الحديثِ:
- عمرُ بنُ حفصٍ: وهوَ أبو حفصٍ، عمرُ بنُ حفصِ بنِ غيَّاثٍ النَّخْعيُّ الكوفيُّ (ت:222هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ في روايةِ الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- أبو عمرٍ: وهوَ حفصُ بنُ غياثٍ النّخعيُّ (117ـ194هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- الأعمشُ: وهوَ أبو محمَّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ كبارِ الثِّقاتِ المحدِّثينَ من التَّابعينَ.
- أبو صالحٍ: وهوَ ذكوانُ أبو صالحٍ السَّمَّانُ الزَّيَّاتُ المدنيُّ (ت:101هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ الثِّقاتِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى بيانِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنْ فضلِ الصَّلاةِ وثوابها للمسلمِ، ويخصُّ الفضلَ الأكبرَ لصلاةِ الفجرِ وصلاةِ العشاءِ، وجعلَ إقامتها منْ صفاتِ المؤمنين الموحِّدين، وجعلَ التَّثاقُلَ عنها منْ صفاتِ المنافقينَ، ثمَّ يبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إثمَ منْ يتخلَّفُ عنِ الصَّلاةِ، وغضبهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وجزاؤهُ بالحرقِ لأنَّهُ لمْ يُلبِّ النِّداءَ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديثِ:
- فضلُ الصَّلاةِ المكتوبةِ وأدائها.
- تفضيلُ صلاةُ الفجرِ والعشاءِ على غيرهما للمشقَّةِ في الوصولِ إلى الجماعة فيهما.
- تركُ صلاتي الفجرِ والعشاءِ منْ صفاتِ المنافقينَ، وأدائهما منْ صفاتِ المؤمنينَ.