لقد كان من بني الإسلام رجالٌ صنعوا تاريخاً لهم دُوِّن بحروفٍ من ذهب، لم تمنعهم الموالاة لأحد من تلقّي العلم ونشره فكانوا موالياً كباراً في ما أخذوا من العلم، وكان منهم محدّثون لا زالت أسماؤهم تدرّس كمراجع في علم الحديث، ونقلوا كل ما أخذوه لمن بَعدَهم، فكانوا شيوخاً لهم تلاميذ في علمهم، كما خرجَ من ذرّيَتِهم كذلك وها نحن نصل في بحثنا قي سِيَر التّابعين إلى واحد منهم، زيد بن أسلم فتعالوا معنا في سيرته العطرة.
نبذة عن زيد بن أسلم
هو: التّابعيّ الجليل، أبو عبدالله، زيد بن أسلم وأبوه أسلم كان مولى لعمر الفاروق، تربى في بيت الخطّاب حيث الفقه والحديث، ونشأ مُحباً لذلك حتى أصبح من فقهاء المدينة المنوّرة ومحدّثيها، وكانت له في مجالس الحديث أثر على الرّواة فيما عنده من العلم، أدرك كثيراً من الصّحابة رضوان الله عليهم وروى عنهم الحديث، وقد كانت وفاته في العام السّادس والثّلاثين بعد المائة من الهجرة رحمه الله.
روايته للحديث
كان زيد بن أسلم من التّابعين الّذين أدركوا جيلاً من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وروى عنهم الحديث وممّن روى عنهم: عبدالله بن الفاروق عمر وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك وأبي هريرة وأمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعاً، كما روى عن التّابعين من أمثال: أبيه أسلم وعطاء بن يسار والأعرج ومحمد بن المنكدر وسعيد بن المسيّب وغيرهم رحمهم الله، كان من الثّقات في الرّواية عند كثير من أهل الجرح والتّعديل وروى له البخاريّ ومسلم والتّرمذيّ وابن ماجة وأبو داوود والنّسائيّ وبن حنبل.
من رواية أسلم للحديث
ممّا ورد من رواية زيد ما أورده الإمام مسلم في صحيحة: (( أخبَرَنِي زيد بن أسلم عن عطاءِ بن يسار، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ أنّ رجالاً من المنافقينَ في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كانوا إذا خرَجَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّمَ إلى الغَزْوِ تَخَلَّفوا عنْهُ وفَرِحُوا بمقْعَدِهِمْ خِلافَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا قَدِم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اعتَذَرُوا إلَيْهِ وأَحَبُّوا أنْ يُحْمَدُوا بما لمْ يَفْعَلُوا فَنَزَلَتْ: (لا يَحْسَبنَّ الّذين يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّون أنْ يُحْمَدُوا بما لمْ يَفعلوا فلا تَحْسَبَنَّهم بمفازةٍ من العذاب) آل عمران، الآية 188)).