اقرأ في هذا المقال
في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة، أرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سرية إلى نخلة، حيث أمر فيها الصحابي الجليل عبد الله بن جحش الأسدي رضي الله عنه وأرضاه، وكان في السرية مع عبد الله بن جحش عدد من الرجال عددهم اثني عشر رجلاً من المهاجرين، كل رجلين اثنين يعتقبان على بعير.
وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد كتب له كتاباً، وقد أمره النبي ألّا ينظر في الكتاب حتى يسير مسار يومين، وبعد ذلك له السّماح أن ينظر في الكتاب، وبعد مسير يومين من عبدالله بن جحش قرأ ذلك الكتاب من النبي، عندها كان مضمون ذلك الكتاب: (إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها عير قريش وتعلم لنا من أخبارهم).
حينها قال عبد الله بن جحش: (سمعاً وطاعة)، ومن ثم أخبر عبد الله بن جحش أصحابه بذلك الكتاب، وأنّه لا يستكرههم لهذا الأمر، فمن كان محباً للشهادة فلينهض، ومن كان كارهاً للموت فليرجع من غير إجبار، وأمّا عن الصحابي عبد الله فقال: (أمّا أنا فناهض) ، فنهضوا جميعهم إلا أنّه لما كان في أثناء سيرهم في الطريق أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان البعير التي كانا يتعاقبان عليها، فتخلفا عن طلبه.
وبعد ذلك أكمل عبد الله بن جحش سيره حتى وصل إلى نخلة ونزلوا فيها، حينها كانت تمر عير لقبيلة لقريش تحمل تلك العير زبيباً وأدماً وتجارة، وكان في القافلة عمرو بن الحضرمي، وأيضاً عثمان ونوفل وهم ابنيَ عبد الله بن المغيرة، وكان معهم الحكم ابن كيسان مولى قوم بني المغيرة.
وبعد ذلك تشاور رجال السرية وقالوا فيما بينهم أنّهم في آخر يوم من أيام شهر رجب الشهر الحرام، فإن قاتلنا الكفار أصحاب القافلة انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركنا الكفار الليلة دخلوا الحرم، وبعد النقاش اجتمعوا واتفقوا على لقاء العدو، فرمى أحد الرجال عمرو بن الحضرمي فقتله، وقاموا بأسر عثمان والحكم وأفلت نوفل بن عبد الله بن المغيرة، ثم جاؤوا بتلك العير ومعهم الأسيرين إلى المدينة المنورة، ولكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد أنكر ما فعلوه رجال السرية، ومن ثم قال النبي: (ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام)، وتوقف عن التصرف في العير والأسيرين.