الحمد لله الّذي جعلنا من أمّةٍ صحيحةِ المصدرِ في التّشريعِ، مصادرٌ ثبتَتْ في سندٍ متَّصلٍ من زمن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وكانَ الحديثُ النّبويُّ من أجلِّ مصادرها بعدَ القُرآن الكريم، حمله الصّحابة رضوان الله عليهم حفظاً ووعياً مقروناً بالمشاهدةِ وحُضورِ التّنزيلِ، فَنُقِلَ في ما بينَهم ، ثمَّ نُقِلَ إلى التّابعين من بعدهم فأكملوا رسالة نشر الحديث حتى وصلَ إلينا، وما زلنا نبحث في زمن التّابعين عن الرّواة والحديثِ حتّى وصلْنا إلى راوٍ منهم، إنّه سَلَمَة بنُ كُهَيْلٍ فتعالوا نقرأ في سيرتِهِ مع الحديث.
نبذة عن سلمة بن كهيل
هو: التّابعيُّ الجليلُ، أبو يحيى، سَلَمَةُ بنُ كُهيلِ التَنْعيُّ الحَضرَمِيُّ، من رواة الحديث النّبويِّ من الكوفِيّينَ، ولد في العام السّابع والأربعينَ من الهجرة، يرجع نسَبُهُ إلى تَنْعةَ من حَضْرَمَوْتٍ، وكان من العلماء والفقهاء في عصره، وكانتْ وفاتُه في العامِ الحادي والعشرينَ بعد المائة من الهجرة النّبويَّةِ يرحمهم الله.
روايته للحديثِ
كانَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ من رواة الحديث النّبويِّ وقد روى الحديث عن جيل الصّحابة من أمثالِ: عبد اللهِ بنِ عمرَ وزَيدِ بنِ أرقَمٍ وجُنْدُبِ البّجَلِيِّ وعامرِ بنِ واثِلَةَ وغيرهم رضي الله عنْهُم، كما روى عن عددٍ من التَابعين المحدّثينَ من أمثالِ: سعيدِ بنِ جُبيرٍ وشقيقِ بنِ سلَمَةَ وعلقَمَة النَّخْعِيِّ وعطاءِ بنِ أبي رَباحٍ وعكرِمَةَ مولى ابنِ عبّاسٍ والقاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ وغيرهم يرحمهم الله، كما روى الحديثَ من طريقه كثيرٌ من الرّواةِ من أمثالِ: منصورِ بنِ المُعْتَمِرِ وشُعبَة بنِ الحجّاجِ وسُفيانَ الثَّورِيِّ وإسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ وغيرهم يرحمهم الله وكانَ من أهلِ الثّقَة في الرّواية، وقيل لهٌ مائتانِ وخمسونَ حديثاً.
من رواية سلمة بن كهيل للحديث
ممّا ورَد من رواية الحديث النّبويِّ الشَّريفِ من طريقِ سَلَمَةَ بنِ كُهيلٍ ما أورده الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ في صحيحه: ((حدّثَنا مُحَمّدُ بنُ المُثَنَّى، حدّثَنا عبدُ الرّحمنِ بنُ مَهْدِيٍّ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنِ الحَكَمِ، سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عنْ سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، أنّهُ صلَّى المّغْرِبَ بِجَمْعٍ والعِشاءَ بإِقامَةٍ، ثمَّ حدّثَ عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّهُ صلَّى مثلَ ذلِكَ، وحدَّث ابنُ عُمَرَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ ذلِكَ )) من كتابِ الحجِّ، رمُ الحديثِ 1288.
