لقد مرّ الحديث النّبويّ الشّريف بمراحل متطوّرة بدأت في عصر صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بعد وفاته عليه الصّلاة والسّلام، وقد كان من الصّحابة رضوان الله عليهم من حملوا كثيراً من الحديث النّبويّ ونشروه بينهم وعلّموه للتّابعين من بعدِهم، وكان من التّابعين من واصوا مسيرة الحديث تعلّماً ونقلاً ومن التّابعين الّذين اشتهروا برواية الحديث المحدّث طاووس، فتعالوا معنا في سيرته رحمه الله.
نبذة عن طاووس
هو: الإمام التّابعيّ، أبو عبدالرّحمن ، طاووس بن سُليمان، من المحدّثين الّذين اشتهروا بعلمِهم وروايتهم عن صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كانت ولادته في خلافة الفاروق وقيل بخلافة عثمان، وورد في أصله أنّه من اليمن وأمّه فارسيّة، وقيل أنّ اسمه ذكوان ولقبه طاووس، وقد كان متأثراً بعلمه وروايته للحديث بالصّحابي الجليل عبدالله بن عبّاس، وقد وصل إلى منزلة رفيعة بين المحدّثين وأهل العلم بزمانه، وعرف بوعظه للخلفاء وعدم الخشية في ذلك إلّا من الله ، وكانت وفاته رحمه الله تعالى في السّنة السّادسة بعد المائة من الهجرة وهو في أداء مناسك الحجّ.
روايته للحديث
كان طاووس اليمانيّ من رواة الحديث النّبويّ الشّريف وروي أنّه التقى بكثيرٍ من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وروى عنهم الحديث، ومن الصّحابة الّذين حدَّث عنهم طاووس: أمّ المؤمنين عائشة وزيد بن ثابت وأبوهريرة وعبدالله بن عبّاس وجابر بن عبدالله وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً، وروى عنه الحديث كثير من أقرانه وتابعيهم من أمثال: إبراهيم الطائفي والحكم بن عُتبة وبن سِنان وابن شهاب الزّهريّ ووهب بن مُنبّه وغيرهم كثير، وكان من أعلم من تعلم من طريق بن عبّاس رضي الله عنه وأكثرهم حظاً من حديثه.
من رواية طاووس للحديث
ممّا ورد من رواية طاووس للحديث ما أورده الإمام مسلم في صحيحة عن طاووس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( احْتَجَّ آدم وموسى، فقال موسى: يا آدمُ أنتَ أبونا، خيّبتَنا وأخرجتنا من الجنّة فقال له آدم: أنت مُوسى ، اصطفاك الله بِكلامِهِ وخطّ لك بِيَدِهِ، أَتَلومُني على أمرٍ قدْ قدّرَه الله عليَّ قبل أن يخلِقَنِي بأربعين سنةً) فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( فحجّ آدمُ موسى فحجّ آدمُ موسى)، من كتاب القدر/ رقم الحديث 2652))