لقد كانت المدينة المنوّرة في زمن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والصّحابة رضوان الله عليهم مركزاً للعلم الشّرعيّ، عاش فيها أصحابه عليه الصّلاة والسّلام ملازمينَ وحافظينَ للحديث النّبويّ، وأصبحوا بعد وفاته مرجعاً لأَهل الحديث ينقلون عنه، وكانت لهم مجالسُهم التي لم تكن فارغة من كبار التّابعينَ الّذين خرج منهم علماء الفقه والحديث، ولقد كان لمكثري الحديث من الصّحابة تلاميذ برزوا في علم الحديث النّبويّ كأبي هريرة وابن عبّاس وابن عمر وغيرهم، وممّن خرج من بين أيديهم من العلماء التّابعين عبيد بن عبدالله فتعالوا معنا نقرأ في سيرته العطرة.
نبذة عن عبيدالله
هو: التّابعي الجليل، أبو عبدالله، عُبيدُالله بنُ عبدالله بن عُتبَة بن مسعود الثقفيّ، من فقهاء مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم السّبعة، ولد فيها في أيام خلافة الفاروق، ومن أجدادة عُتبة شقيق عبدالله بن مسعود، وهو من شيوخ الخليفة عمر بن عبدالعزيز، وقد كان له مكانة مرموقة بين المحدّثين التّابعين، وقد كانت وفاته كما أورد الإمام الذّهبي في العام الثّامن أو التّاسع والتّسعين من الهجرة النّبويّة رحمه الله.
روايته للحديث
كان عُبيدالله بنُ عبدالله من التّابعين الّذين رووا الحديث عن كثير من الصّحابة من أمثال: أبي هريرة الدوسيّ وأمّهات المؤمنين عائشة وأم سلمة وأبي سعيدٍ الخُدْريِّ وأبي طلحة الأنصاريّ كما حدّث عن كثير من التّابعين من أمثال: عُروة بن الزبير وعبدالرّحمن بن عبد القاري وغيرهم رحمهم الله، كما روى من طريقه الحديث كثير من الرّواة من أمثال: أخوه عَوْن بن عبدالله وأبو الزّناد وسعد بن إبراهيم الزّهريّ وصالح بن كِيسان وموسى بن أبي عائشة وغيرهم رحمهم الله وكان من الثّقات المحدّثين عتد أهل الجرح والتّعديل وروى له جماعة الحديث.
من رواية عبيدالله للحديث
ممّا روي من طريق عُبيدالله بن عبدالله من الحديث ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: ((حدّثني موسى بن أبي عائشة عن عبيدالله بن عبدالله عن عائشة قالت: لَدَدْنا رسول صلّى الله عليه وسلّم في مَرَضِهِ فأشارَ أنْ لا تَلُدُّونِي فقُلنا: كَراهِيَة المَريضِ للدّواءِ. فلّما أفاقَ قال: ( لا يَبْقى أحدٌ منكم إلالُدَّ، غيرَالعبّاس فإنّه لمْ يشهَدْكمْ) من كتاب السّلام، رقم الحديث2213)).