إنّ الأحكام الإسلامية جاءت لتنظيم حياة الناس في كلّ مكان وزمان، وهناك من الأحكام التي تمّ تسييرها مع الظروف السائدة، والتعديل عليها بما يتناسب مع حياة المسلمين، إلاّ أنّه هناك بعض الأحكام التوقيفية التي لا مجال للتعديل عليها، وهي ثابتة في كلّ زمان ومكان، ومنها الأحكام التي تتعلّق بأنصبة الزكاة، فهل يجوز التعديل على أنصبة الزكاة مع تغير ظروف الحياة؟
حكم التعديل في أنصبة الزكاة:
هناك من يدّعي أنّ أنصبة الزكاة التي تمّ تحديدها في زمن النبي _صلّى الله عليه وسلّم_ بما يتوافق مع الظروف الاقتصادية في ذلك الوقت، وبذلك يكون من السليم أنْ تتغيّر هذه الأنصبة حسب الظروف السائدة.
وردّاً على ذلك نقول ما قاله أهل العلم في حكم تعديل أنصبة الزكاة، فالزكاة عبادة مفروضة على المسلمين، ومن المعروف أن أحكام العبادات توقيفية ولا مجال للتعديل عليها، فقد أوجبها الله تعالى على العباد ليُصلح بها دينهم، فقد قال سبحانه تعالى: ” أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ “ سورة الشورى آية 21.
وجعل هناك من العادات المشروعة التي تُساعد الناس على الاستمرار في الحياة بما يتوافق مع ظروفهم وأحوالهم، مع الالتزام بالابتعاد عن العادات التي حرّمها الله تعالى، حيث قال سبحانه تعالى في سورة يونس آية 59: ” قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً”.
فتحديد أنصبة الزكاة أمر متعلّق بالعبادات، فهو أمر توقيفي وثابت ولا مجال للتعديل عليه، ولا يجوز العمل على تعديل أنصبة الزكاة مهما كانت الظروف والأحوال، فأنصبة الزكاة مقادير مدروسة ومناسبة لظروف المسلمين في في الغلاء والرخص، وهي مقادير مناسبة في جميع الأموال التي تجب فيها الزكاة.
ولا يُذكر أنّه تمّ أيّ تعديل على أنصبة الزكاة ومقاديرها سواء في زمن النبي _عليه الصلاة والسلام_، أو في زمن الصحابة _رضي اله عنهم_، وما ذُكر في كافة الأحاديث النبوية الشريفة التي تحدّث عن أنصبة الزكاة، كان كما تمّ تحديدها في أوّل مرة، ولا اختلاف فيها.
وخلاصة الحديث أنّ ما يتعلّق بأنصبة الزكاة أحكام توقيفية، ولا يُمكن التعديل عليها وتغييرها من قِبل أحد، سواء كان حاكماً أو محكوماً.