ما هو حكم نتف الشعر أثناء الصيام؟

اقرأ في هذا المقال


حكم نتف الشعر أثناء الصيام:

لقد قال الشيخ محمود شبلي: إنّ إزالة الشعر أثناء فترة الصيام، ليس فيها حراماً ويكون الصوم أثناء ذلك صحيحاً وجائزاً، فكل هذه الأشياء لا تؤثر على الصيام ولا تفسده، ولكن إن الذي يُبطل الصوم ويضرهُ ويُفسدهُ هو كل ما يدخلُ جوف الإنسانِ سواء كان طعام أو شراب، أو ما يجولُ في خاطره من شهوة.

وقال الشيخ محمد عبد السميع: إنّ إزالة الشعرِ للصائم، سواء شعر رأسه أو بدنه في أي موضع، لا يؤثر ولا يضرُ على صومه، ولا يُبطل صيامهُ ولا يُنقضهُ، ولا يُنقصُ من أجرهِ.

وأمّا ما يتعلق من إزالة الشعر من منطقة الإبط وأماكن أخرى حساسة، فهذه تعتبر من سنن الفطرة، وهدف ثانوي من أهداف الصيام والصلاة، وهي نظافة البدن، والحرص على إبقاءهِ نظيفاً؛ لكي تصح الصلاة والصيام. وإزالة الشعر من هذه الأماكن فحكمها لا يُفسد الصيام ولا يُنقضهُ.

أحكام متعلقة بإزالة الشعر لكل من الرجل والمرأة:

إنّ الشرع الإسلامي، جعل إزالة الشعر من جسد المرأة أو الرجل من سنن الفطرة، وزيادة في النظافة، سواء بالحلقُ أو القصّ والنتف والنّورة، ومن ذلك أيضاً حلق العانةِ ونتف الإبط ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: “الفطِرةُ خمسٌ أو خمس من الفطرة الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط وقص الشارب” متفق عليه. وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: “كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزاة، قال: فلما قدمنا المدينة، ذهبنا لندخل، فقال صلّى الله عليه وسلم:  أمهلوا حتى ندخل ليلاً، أي عشاء لكي تمتشط الشعثة وتستحدّ المُغيبة”.

فالاستحداد: هو استعمال الحديد في حلق شعر المنطقة الحساسة عند الرجل وهي إزالتها بآلةٍ حادة “وتسمى الموس” فقال أبو عبيدة: الاستحداد هو استحلاق بالحديد وكانوا لا يعرفون النُورة. وقد أمر الشرع الإسلامي بعدم ترك الحلق أكثر من أربعين يوماً؛ وذلك لما ورد في صحيح مسلم عن أنس أنه قال: “وُقت لنا في قصّ الشارب، وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلةً”.

وقال النووي: إنّ معنى الحديث أنّهم لا يؤخرون فعل هذه الأشياء عن وقتها سواء في رمضان أو غير رمضان، فإذا أخروها فلا يؤخروها عن وقتها أكثر من أربعين يوماً، وليس معنى الإذن في التأخير أربعين يوماً مُطلقاً.

وقال ابن قدامة: إن نتف الشعر أو حلقهُ من المُستحبات في الإسلام؛ وذلك لأنّه من الفطرة التي فطر الله تعالى عليها الإنسان، ويُفحش بتركه، وأستحب إزالته، وبأي شيءٍ أزالهُ صاحبهُ، فلا حرج؛ لأن المقصود هو إزالته، فقيل لأبي عبد الله: ترى أن يأخذ الرجل سِفلتهُ بالمقراض، وإنّ لم يستقص؟ قال: أرجوا أن يُجزئ إن شاء الله، قيل يا أبا عبد الله، ما تقول في الرجل إذا نتف عانته؟ قال، وهل يقوى على هذا أحد، وإن اطلى بنورة فلا بأس، والحلقُ أفضل؛ وذلك لموافقته الخبر، وقد قال ابن عمر هو ممّا أخذتُ من النعيم، يعني النورة.

كما يصحُ للمرأة أن تُزيل الشعر الزائد الذي يظهر على الوجه وما بين الحاجبين؛ وهذا لم يرد النهي عن إزالته في الشرع، فهو مسكوتٌ عنه، ولا يدخل في حدّ التنمّص المنهي عنه في الإسلام ولا سيما نتف الشعر الذي تحت الحاجبين ولا سيما في رمضان، وهناك قولان لأهل العلم، والراجح عند الأكثر أنّ التوعد باللعن على نمص الحاجب خصوصاً.

حكم إزالة الشعر للنساء:

وقال بعض جمهور العلم، بأنّه يجوز أن تُزيل المرأة الشعر الزائد الذي يظهر على جسدها، أو قدميها أو ظهرها أو بطنها أو ما شابه ذلك، كما أنّه ذهب أئمة الفقه إلى استحباب إزالة المرأة للشعر إذا ظهر شعر على لحية المرأة أو شارب أو عنق، وقيد هذا الأمر على موافقة الزوج.

فقد ورد في الصحيحين، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “لعن اللهُ الواشِماتِ والمُوتَشِماتِ، والمتنَمِّصاتِ، والمتفَلِّجاتِ للحُسنِ المغَيِّراتِ خَلْقَ اللهِ، فبلغ ذلك امرأةً مِن بني أسَدٍ يُقالُ لها أمُّ يعقوبَ، فجاءت فقالت: إنَّه بلغني عنك أنَّك لعَنْتَ كيتَ وكيتَ، فقال: وما لي لا ألعَنُ مَن لعنَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَن هو في كتابِ اللهِ، فقالت: لقَد قرأتُ ما بين اللَّوحَينِ، فما وجَدْتُ فيه ما تقولُ، قال: لئِنْ كُنتِ قرأتِيه لقد وجَدْتِيه، أمَا قرأتِ: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا؟ الحشر:7 . قالت: بلى، قال: فإنَّه قد نهى عنه، قالت: فإنِّي أرى أهلَك يَفعَلونَه، قال: فاذهَبي فانظُري، فذهَبَت فنَظَرت، فلم تَرَ مِن حاجَتِها شيئًا، فقال: لو كانت كذلكِ ما جامَعْتُها” رواه البخاري.

وروى أبو داود في سننه عن أبن عباس رضي الله عنهما قال: “لعنت الواصلة والمستوصلة،  والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة من غير داء”. والنامصةُ تعني، هي التي تنفشُ الحاجب حتى تجعلهُ رقيقاً، والمتنمصةُ هي المعمول بها.

وقال جماهير أهل العلم: بأنّ التنمص محرم سواء قليل أو كثير بدليل حديث أبي مسعود وابن عباس الذي اعتمده الحنابلة كما قال ابن مفلح “يُحرم النمص”. فإذا كان نتف الشعر في رمضان  من الحاجبين من باب التنمص وغير ذلك، فإنّه محرم ولا يجوز إزالتهُ، أمّا إذا أراد أحدٌ في رمضان نتف الشعر من باب النظافة فهذا مستحب وواجب ولا يُفسد صيام الشخص سواء كان رجلاً أم امرأة.


شارك المقالة: