اقرأ في هذا المقال
هناك من ألحق عقد الاستصناع بالبيع العام، وقال بأنه يأخذ أحكام البيع العام، وهناك من ألحقه ببيع السلم، إلا أن مجموعة من الفقهاء بحثوا في عقد الاستصناع على منهج البحث المستقل، ودرسوا أحكامه وشروطه بشكل خاص دون إلحاقه بأي عقد آخر. وفي هذا المقال سنتحدّث عن عقد الاستصناع بشكل مستقل.
تعريف عقد الاستصناع:
الاستصناع هو بيع سلعة مؤجلة في ذمة البائع، يطلب منه شخص أن يصنعها بثمن محدد بالنوع والمقدار. وبشكل عام هو أن يستعين شخص بآخر في صناعة شيء معين، تتوفّر موادّها وأدواتها عند الصانع مقابل ثمن معين.
حكم عقد الاستصناع:
عقد الاستصناع من العقود المشروعة، واستدلّ الفقهاء على مشروعيته من خلال مايلي:
- من السنة: استدلوا بحديث الرسول _عليه الصلاة والسلام_ في استصناع خاتماً، ومرة أخرى في استصناع منبراً.
- من الإجماع: حيث أجمع الفقهاء على صحة عقد السلم، اقتداءً بنبينا _محمد عليه الصلاة والسلام_.
- حاجة الناس: حيث أن هناك من يحتاج للاستعانة بغيره ليحصل على حاجاته، وقد نحتاج إلى سلع غير متوفّرة، فيستدعي الأمر إلى طلب صناعتها ممن هو قادر على ذلك.
وعقد الاستصناع يعتبر من عقود البيع، ولكن بضمون خاص يجعله يختلف عن البيع العام، مثل اشتراط العمل، وخيار الرؤية، وعدم وجوب قبض الثمن معجّلاً.
أركان عقد الاستصناع:
أركان عقد الاستصناع هي الصيغة والمحل والعاقدان، وتم تحديد ذلك من خلال اعتبار عقد الاستصناع من عقود البيع:
- الصيغة: هي أي كلام أو قول دلّ على رضا طرفي العقد في إنشائه.
- المحل: هذا مختلف فيه، فهناك من اعتبر العين (السلعة) محل العقد، وهناك من اعتبر العمل محل العقد. والرأي الراجح في ذلك هو أن العين هي محل العقد لأن خيار الرؤية يثبت فيها.
- العاقدان: وهما الصانع والمستصنع (البائع والمشتري).
شروط الاستصناع:
- أن يكون محل العقد معلوماً بنوعه وصفته ومقداره وجنسه.
- أن يكون محل العقد مما يجري التعامل به بين الناس.
- عدم تحديد الأجل في الاستصناع لأن ذلك يحوّل العقد إلى بيع السلم.
- لا يُشترط أن يقوم الصانع بصناعة السلعة المتّفق عليها بنفسه.
- يجوز تسليم الثمن في مجلس العقد، أو تأجيله، أو تقسيطه، وهذا يعود للاتفاق بين الطرفين.
صفة عقد الاستصناع:
- قبل البدء في عملية صنع السلعة، يكون العقد غير لازم في حق الطرفين ويحق لأي منهما فسخ العقد.
- في مرحلة ما بعد انهاء صنع السلعة، على الأرجح يكون العقد غير لازم.
- أما في المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة رؤية السلعة من قبل المشتري، فالعقد لازم إذا طابقت مواصفات السلعة للمواصفات المتفق عليها، وغير ذلك يكون الخيار للمشتري في قبول السلعة وإنقاص الثمن، أو فسخ العقد.