مازلنا نسير في رحلتنا بالبحثِ في سِيَر الصّحابة والتّابعين في علم الحديث النّبويّ الشّريف، هذا العلم الّذي حمل لنا المصدر التّشريعيّ الثاني بعد القرآن الكريم، هذا العلم الّذي قام بحملِ رسالَتِه كثيرٌ ممّن اصطفاهم الله تعالى لحفظهِ ونقلهِ وتدوينِهِ ليكونوا شهداءَ عليه ويكونُ مَنْ بَعْدَهم من الرّواة شاهدين عليه، ليتمَّ اتّصال سند الأمّة الإسلاميّة في نقل مصادرها، وها نحن نجوب في سماءِ الحديث النبوي الشريف نبحث عن نجمة مضيئة فيه من الرّواة حتى وصلنا إلى الرّاوي أبي الخير مَرْثَدِ بنِ عبدالله فتعالوا معنا في سيرته.
نبذة عن أبي الخير
هو التّابعيّ الجليل مَرْثَدُ بن عبدالله، اليزَنيّ، وماعُرفَ باسم أبي الخَيْر، يعود أصله إلى حِمْيَرٍ، من التّابعين في رواية الحديث النّبويّ الشريف، ولعلمة الوافر لقّبَ بإمام الدّيار المصرية، كان موطنَ ثقة في الإفتاء في زمنه، وكان مرجعاً لخلفاء بني أميّة في الفتوى والفقهِ وكان له فضلُ العلمِ بين أقرانه وتابعيهِ وكانت وفاته في العام التّسعين من الهجرة النّبويّة يرحمه الله تعالى وأسكنه جنانه.
روايته للحديث
كان أبو الخيرِ، مّرْثَدُ بن عبدالله من رواة الحديث النّبويّ الشريف عن كثير من الصّحابة رضوان الله عليهم وممّن روى عنهم من الصّحابة: أبي أيّوبٍ الأنصاريّ وأبي بصرَة الغفاريّ وزيدِ بنِ ثابت وعبدالله بن عمرو بن العاص وعمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعاً وروى الحديث النبوي الشريف من طريقه كثيرٌ من التّابعين ومن جاء بعدهم من أمثال: يزيد بن أبي حّبيب وجعفر بن ربيعَة وعيّاش بنٍ عيّاشٍ وغيرهم كما كان من الثّقات في علم الرّواية وروى عنه كثير من أصحاب الحديث النبوي الشريف.
من رواية أبي الخير للحديث
ممّا ورد من رواية الحديث النبوي الشريف من طريق أبي الخير مَرْثَدِ بنِ عبدالله ما أورده الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه: ((أخبَرَنا يحيى بنُ أيّوبٍ عن جَعفرُ بنِ ربيعةَ عن أبي الخَيْرِحدَثَه قال:حدّثني ابن وَعْلَةَ السّبَإيُّ قال سألت عبّدالله بنِ عبّاسٍ قلتُ: إنّا نكونُ بالمَغرِبِ فَيَأتِينا المَجُوسُ بالأسْقِيَةِ فيها الماءُ والَوَدَكَ فقالَ اشرَبْ فقلتُ أرَأيٌ تَراهُ؟ فقالَ ابن عبّاسٍ: سَمِعْثُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( دِباغُهُ طَهُورُهُ )، من كتاب الحيضِ، رقم الحديث366/107)).