لقد كان في سيَرِهم وقصصِهم عبرةٌ ومنهاجيّةٌ ومخططُ علمٍ لكلِ من طلب الحديث النّبويّ واجتهدَ في طلبه، بَذَلوا الغاليَ والنفيسَ في سبيل أن يبقى الحديث النّبويّ كما جاء من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكل جيل كان يسلّم أمانة تبليغة إلى الجيلِ الّذي بعده، ومن يريد نقله وتبليغه عليهِ بشروطِه، فخرج من الصّحابة إلى التّابعين بهذه المنهجيّه، وما زلنا نبحث في سِيرهم حتى وصلنا إلى المحدّث مُصعب بن سعد فتعالوا نقرأ عن سيرته المعطّرة.
نبذة عن مصعب
هو: التّابعيّ الجليل، أبو زُرارة، مُصعبُ بن سعدِ بن أبي وقّاص، من قريش، وأبوه صحابيٌّ جليل من المحدّثين رضي الله عنه، وأخوه عامربن سعد، كان يقطُن المدينة المنوّرة، جَلَسَ إلى الصّحابة المحدّثين وروى عنهم، عُرف بكثرة حديثه، ومرجِعيَّتِه لكثيرٍ من المحدّثين،و قد عاش في المدينة المنوّرة حتى توفاه الله تعالى في العام الثّالث بعد المائة من الهجرة النّبويّة رحمه الله.
روايته للحديث
كان مُصعب بن سعدٍ من كبار التّابعين الّين التقوا بكثيرٍ من الصّحابة وروى عنهم الحديث وممّن روى عنهم: أبيه سعدِ بن أبي وقّاص وعبدالله بن عمر بن الخطّاب وعليّ بن أبي طالب وطلحة بن عبيدالله وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً، كما روى من طريقه الحديث كثير من الرّواة من أمثال: سِماك بن حَربٍ و سفيان بن دينار وإسماعيل السّديّ وإسماعيل بن محمّد بن سعد و الحَكمُ بن عُتيبة وغيرهم كثير رحمهم الله وكان من الثّقات في رواية الحديث، كما روى له جماعة الحديث.
من رواية مصعب للحديث
ممّا ورد من رواية مُصعب بن سَعد بن أبي وقّاص ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: ((حدّثنا محمّد بن المُثنّى و ابن بشّارٍ قالا: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة عن الحكم،عن مُصعب بن سَعد بن أبي وقّاص، عن سعد ٍ بن أبي وقّاص قال: خلَفَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليَّ بنَ أبي طالبٍ في غزوة تبوكَ فقال: يا رسول الله! تُخَلِّفُنِي في النّساءِ والصّبيانِ؟ فقال: (أما تَرْضى أنْ تكونَ بمنْزِلَةِ هارونَ منْ موسى، غيرَ أنّه لا نَبِيَّ بعدي)، من كتاب فضائل الصّحابة، رقم الحديث 2404)).
