أقسام قراءات القرآن الكريم:
القراءة تنقسم إلى متواتر وآحاد، وشاذ:
إنّ أفضل من تكلم في هذا النوع هو إمام من أئمة القراءة في زمانه من شيوخ شيوخ السيوطي، وهو أبو الخير ابن الجزري، قال في أول كتابه (النشر): وكل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية، ولو احتمالاً.
وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها، ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف.
ثم قال ابن الجزري: ونعني بموافقة أحد المصاحف، ما كان ثابتاً في بعضها دون بعض، كقراءة ابن عامر: ( قالوا اتخذ الله ) في القراءة بغير واو، و(بالزبر وبالكتاب) بإثبات الباء فيهما، فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي، وكقراءة ابن كثير( تجري من تحتها الأنهار) في آخر براءة، بزيادة (من) فإنها ثابت في المصحف المكي، ونحو ذلك، فإن لم تكن في شيء من المصاحف العثمانية فشاذ لمخالفتها الرسم المجمع عليه.
وقد أتقن الإمام ابن الجزري هذا الفصل جداً، وقد تحرر منه أن القراءات أنواع:
الأول: المتواتر، وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب، عن مثلهم إلى منتها، وغالب القراءات كذلك.
الثاني: المشهور، وهو ما كان صحيح الإسناد ولم يصل إلى درجة المتواتر، ووافق الرسم وقواعد اللغة العربية ، وكان مشهوراً عند القراء، فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، ويقرأ به على ما ذكره ابن الجزري، وأمثله ذلك كثيرة في فرش الحروف من كتب القراءات الكذي قبله، ومن أشهر ما صُنف في ذلك التيسير للداني، وقصيدة الشاطبي، وأوعية النشر في القراءات العشر، وتقريب النشر، كلاهما لإبن الجزري.
الثالث: الآحاد، وهو ما كان سنده صحيحاً، ولكنه خالف الرسم، أو قواعد اللغة العربية، أو لم يشتهر كشهرة المتواتر، ولا يقرأ به، وقد عقد الترمذي في جامعه، والحاكم في مستدركه، لذلك باباً أخرجا فيه شيئاً، كثيراً صحيح الإسناد، من ذلك ما أخرجه الحاكم من طريق عاصم الجحدري عن أبي بكره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: متكئين على رفارف خضر وعباقري حسان) ، وأخرج من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرات أعين).
الرابع: الشاذ، وهو ما لم يكن سند صحيحاً، ولم فيه كتب مؤلفة، من ذلك قراءة، قوله تعالى: (ملك يوم الدين)، بصيغة الماضي، ونصب قوله تعالى: (يوم الدين) و قوله تعالى: ( إياك يعبد) ببنائه للمفعول.