حد السرقة:
إن حد السرقة هو عقوبةٌ محددة بالشريعة الإسلامية، بسبب السرقة، وهي أخذ المال عن طريق الخفية من حرز المثل، وذلك بشرط أن يكون مكلفاً، وأن يسرق من المال قدر نصاب، وأن يسرقه من مكان محرز يُحرز المثل، وألا يكون للسارق فيه ملكٌ أو شبهة ملك.
شروط المقطوع له في السرقة:
لا يُقام الحد إذا لم يكن محل الجريمة معصوماً، وليس لأحدٍ حق أخذه أو تناوله متأملاً. وكذلك إذا لم يكن مملوكاً، أو كان فيه للقاطع مُلك، أو تأويل الملك، أو شبهة الملك. وإذا لم يكن محرزاً. ومن تطبيقات ذلك أن يُقطع بعض القافلة الطريق على بعضها الآخر، إذ لا يتوافر في هذه الحالة شرط الحرز؛ لأن الحرز واحد وهو القافلة، وكذلك إذا لم يكن المال عشرة دراهم أو قيمتها، بمعنى أن يُصيب كل واحد من القطاع أقلُ من نصاب السرقة كاملاً.
إن مالك لا يعتبر الحرز في المحاربة خلافاً للحنفية والشافعية والحنابلة، وعلى ذلك فيحد المحارب عنده بأخذه مالاً مضيعاً ليس محرزاً، ويُعزر عند غيره من الحنفية والشافعية والحنابلة. وعند مالك أيضاً ليس النصاب في المحاربة بشرطٍ لإقامة الحد، فقد جاء في المدونة أن المحارب إذا أخذ المال، قليلاً كان أو كثيراً، فهو سواء، وأن المحاربين إذا أخذوا الحد مع ذلك، فإنه يُقام عليهم؛ لأن الجاني محاربٌ لله ورسوله، وساعٍ في الأرض بالفساد.
وعند الإمامية لا يُعتبر في قطع المحارب أخذ النصاب، ولا انتزاعه من حرز، وذلك لأنهم يقولون إن عقوبات المحاربة وردت على التخيير، فيجوز قطع المحارب على ذلك، وإن لم يأخذ مالاً.
وعند غيرهم، تُقطع يده ورجله من خلاف لأخذ نصاب السرقة لعموم قوله صلّى الله عليه وسلم: “لا قطع فيما دون عشرة دراهم” ولا يُعتبر الحرز عندهم للآية.
ولا يشترط عند الحنابلة حتى يُطبق الحدّ أن يجتمع نصاب السرقة، وهو ربع دينار، لكل واحد من الجناة، بل يكفي توافر النصاب لجميعهم، وذلك لحديث: “لا قطع إلا في ربع دينار” إذ لم يفرق الحديث. وعلى ذلك فإن كان المال المأخوذ في المحاربة أقل من النصاب فلا حد على الجناة عند الحنفية والشافعية والحنابلة ويُعزرون ولو بلغ مجموع المال محل الجريمة نصاباً، ولكنه لو وزع على القطاع لم يُصب كل واحد نصاباً فلا حدّ عليهم عند الحنفية والشافعية، ولكن يُعزرون خلافاً للمالكية والحنابلة فعليهم عندهم الحدّ.
ولكن البعض يميل إلى مذهب مالك فيما يتعلق بالنصاب في المحاربة، إذ المحاربة لا تقتصر على أخذ المال، بل فيها إخافة الطريق وغير ذلك، فضلاً عن أن العمل بهذا الرأي يؤد\ي إلى نشر لواء الأمن في الطريق، فيطمئن الناس التي يَسلكوها، ويعم العمران وتزدهر المعاملات.