موقف المسلمين من الفائدة المصرفية والسلم

اقرأ في هذا المقال


تعددت معاملات البنوك الإسلامية، وكثر عملائها الذين يستعينون بها لإدارة أموالهم واستثمارها وحفظها؛ ممّا جعلهم يتعرّضون لأمور تستحق البحث في أحكامها وضوابطها، لضمان مشروعية المعاملات التي يحتاج العملاء للتعامل بها، ومن هذه الأمور اعتبار الفائدة المصرفية من باب السلم، وللإسلام رأي في هذه المسألة، سنتعرّف عليه في هذا المقال.

حجة الباحثين في اعتبار الفائدة المصرفية من باب السلم:

تبنّى بعض الباحثين فكرة اعتبار الفائدة المصرفية من باب السلم، وأنّها لا تُعتبر زيادة في قرض، وكانت حجتهم كالتالي:

  1. لا تعتبر الأموال التي يودعها العملاء في البنوك من القروض، كذلك الأموال التي تقدّم للمقترضين بأجل؛ بسبب عدم جواز الأجل في القرض عند الشافعية.
  2. بما أنّ الأجل جائز في السلم عند الشافعية أيضاً، فإنّ هذه الأموال تندرج تحت عنوان عقد السلم.
  3. لا يدخل الربا في السلم، إلّا إذا تم التعامل بالأموال الربوية، كالذهب والفضة والحنطة والشعير وغيرها.
  4. النقود لا تُعتبر من الأموال الربوية، وبناءً على ذلك ذهبوا إلى جواز التعامل بالفائدة المصرفية، وهي لا تُعتبر من ربا البيوع.

نقض مبدأ اعتبار الفائدة المصرفية من باب السلم:

ذهب علماء الفقه والباحثين إلى عدم صحة دعوى أن الفائدة المصرفية من باب السلم، مستدلّين فيما يلي:

  • بنى الباحثون في مسألة اعتبار الفائدة المصرفية من باب السلم، آرائهم على مسألة الأجل في القروض، وهي نوعاً من السلم، فالمقترض يلتزم برد المال في الوقت المتّفق عليه، أو بمجرّد تم طلبه من صاحب المال بغض النظر عن الموعد المتّفق عليه، حسب رأي الفقهاء جميعاً عدا المالكية، مبررين أن القرض إحسان وتعاون.
    أمّا المالكية فقالوا بضرورة الالتزام بالأجل، وعدم إلزام المقترض برد القرض إلّا في الوقت المتّفق عليه، لضمان عدم إلحاق الضرر بالمقترض؛ الأمر الذي لا يتوافق مع الهدف من مشروعية القروض في الإسلام، وهو إعانة المقترض وليس الإضرار به.
    وهنا بغض النظر عن الرأي الصحيح في الالتزام بالأجل، فقد اتّفق الجميع على أن وجوب إيجاد الأجل، أو عدم وجوده في القرض، ليس له أي تأثير على صحة التعامل بالقرض، ولا يُخرجه من مضمونه الأساسي، وهنا يمكن اعتباره ضمن عقد السلم.
  • إنّ محور الاختلاف في مسألة الأجل في القرض تدور في لزومه أو عدم لزومه، وليس باشتراط الأجل في القرض، وهنا يتبيّن أنه يوجد فرق في المسألتين، وبالتالي يبقى الأجل في القرض جائز، لكن لا يعتبر من باب السلم سواء بوجوب اشتراط الأجل أو عدم وجوبه.

شرط انعقاد السلم:

لصحة عقد السلم لا يجوز أن يكون البدلان نقد، فالسلم هو مال عيني بمال نقدي، وإذا تم العقد على النقد يجب تحديد القدر والصنف، وهنا يتحوّل العقد إلى قرض، ولا ينعقد السلم إطلاقاً. وبناءً على ماسبق فإنّ مسألة اعتبار الفائدة المصرفية من باب السلم، تُصبح باطلة ومنقوضة؛ لأنّ الربا لا يدخل في عقد السلم.

المصدر: البنوك الإسلامية، محمود الأنصاري، 2008أصول المصرفية الإسلامية، الغريب ناصر، 1996مؤشرات الأداء في البنوك الإسلامية، ابراهيم عباده، 2008المصرفية الإسلامية الأساس الفكري، يوسف كمال، 1993


شارك المقالة: