السرقة:
السرقة: هي عبارة عن أخذ مكلف مالاً محترماً لغيره نصاباً، أخرجه من حرزه خفية، ولا شبهة له فيه.
المسروق مملوكٌ لغير السارق بلا شبهة:
إذا لم يكن المال المسروق ملكاً للغير فلا حدّ فيه ولا قطع بما أخذ مثل:
1. السرقة من بيت المال أو الغنم: وعلى ذلك ليس في السرقة من بيت المال عند الحنفية والشافعي وأحمد قطعٌ ولا في السرقة من أموال الغنائم؛ لأن للسارق في تلك الأموال شِركةً أو شبه شركةٍ وحقٌ يندرئ بها حد السرقة عنه، لكن ليس معنى هذا ألا يقع تحت طائلة العقاب، بل إنه يُعزر لارتكابه جريمةً لا حدّ فيها.
وقال البعض على عدم القطع كذلك فيمن سرق من بيت المال لقول عمر: ” لا قطع عليه” ولم ينكر، ولا قطع عندهم كذلك في الخمس والغنيمة ولو من غير الفاتحين، إذ قد يشارك فيها بالرضخ أو من الخمس.
أما عند الإمامية والظاهرية فهناك تفصيل: فقد جاء في شرائع الإسلام في فقه الإمامية، أنه يجب للحدّ في السرقة ارتفاع الشركة، فلو سرق من مال الغنيمة ففيه روايتان، وهما أنه أحدهما لا يقطع، والأخرى، إن زاد ما سرقه عن نصيبه بقدر النصاب قطع والتفصيل حسن. ولو سُرق من مالٌ مشترك قدر نصيبه لم يقطع، ولو زاد بقدر النصاب قُطع.
وجاء في المحلى لابن حزم، أنه ينظر فيمن سرق من شيءٍ له فيه نصيب من بيت المال أو الخمس أو المغنم أو غير ذلك، فإن كان نصيبه محدوداً معروف المقدار مثل الغنيمة أو ما اشترك فيه ببيع أو ميراث أو ما شابه ذلك، أو كان من أهل الخمس فقد نظر في أمره، فإن أخذ زيادةً عن نصيبه ممّا يجب في مثله القطع قطع ولا بدّ، فإن سرق أقل فلا قطعٌ عليه إلا أن يكون مُنع حقه من ذلك، أو احتاج إليه فلم يصل إلى أخذ حقه في إلا بما فعل، ولا قدر على أخذ حقه خالصاً فلا يقطع إذا عرف ذلك، وإنما عليه أن يرد الزائد على حقه خالصاً فلا يقطع إذا عرف ذلك، وإنما عليه أن يرد الزائد على حقه فقط؛ لأنه إلى أخذ ما أخذ إذا لم يقدر على تخليص مقدار حقه.
وعند مالك يحدّ في السرقة من بيت المال؛ وذلك لأنه مال محرز، ولا حق للسارق فيه قبل الحاجة، وكذلك السارق من أموال الغنائم، ولو كان له نصيب؛ لأن حصة السارق في هذا المغنم الذي أخذ المال منه غير معروفة.
2. سرقة الدائن من مدينة مثل حقه أو أكثر: لا يقطع من سرقَ من غريم له مثل حقه، أو أكثر من حقه. ويرى البعض أن في ذلك تعزير؛ لأن الدولة قد نظّمت طرفاً لاستيفاء الحقوق يجب اتباعها، كما أن المال المسروق في الأصل مملوك للمدين، وليس على ملك الدائن، وإن كان داخلاً في ضمانه العام، وفضلاً عن ذلك فإن استيفاء الحق بسرقته قد يكون فيه تجاوزٌ أو اختلاف في التقدير أو في وجهات النظر، وقد ترتب على ذلك جرائم، ولهذا يُجمل بالمشرع أن يُعزر من استوفى بالسرقة مثل حقه، أو أكثر منه من باب الأولى حتى لا يكون الأمر فوضى ولا ضابط له.