وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عند الفتن

اقرأ في هذا المقال


وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عند الفتن:

كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد والكثير من الوصايا التي كان يحث الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا من دور وفضل كبير في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة، وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم فاختلفوا وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه، قالوا كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك؟ قال: «تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون وتقبلون على خاصتكم وتذرون أمر عوامكم”(صحيح ابن ماجه:3211).
وفي حديث نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية النجاة من خطر الفتن وقد حدد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بعدة طرق.
ومن هذه الطرق التي دلنا النبي عليها للنجاة من الفتن هو أن يأخذ الإنسان بما يعرف والمقصود في ذلك هو أن يأخذ الإنسان بما يعرف أنه الحق وأن لا يدور ذلك في فلك الشبهات، وأن لا يصغي لخطر البدع ولأهل الأهواء والشهوات والرغبات المحرمة وأن يكون مصدره في ذلك هو كتاب عز وجل والسنة النبوية الشريفة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: “تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي» (حسنه الألباني في منزلة السنة:13)”.
من الطرق التي دلنا النبي عليها للنجاة من الفتن هو أن يدع الإنسان ما ينكر، ففي الحديث الصحيح قال النواس بن سمعان الكلابي: “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال: «البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس» (المسند الصحيح)”.
وعن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة» (سنن الترمذي، حسن صحيح)”.
إلى جانب ذلك فقد دلنا النبي عليها للنجاة من الفتن هو الإقبال على سؤال أهل الذكر والعلماء، فأهل الذكر والعلم هم ورثة الأنبياء وهو منارات الهدى فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الخير عادة والشر لجاجة ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين” (حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه).
ومن الطرق التي دلنا النبي عليها للنجاة من الفتن هو ترك أمر العوام فقد قال علي رضي الله عنه: “الناس ثلاث: فعالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق”.
كما دلنا على ضرورة أهمية التسلح بالإيمان والتقوى. قال تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحديد:28].
إضافةً إلى حرصه على ضرورة التوكل على الله عز وجل دائماً وأبداً، فقد قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق من الآية:3].
من الطرق التي دلنا النبي عليها للنجاة من الفتن هو اعتزال الفرق والأحزاب قعن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال: “كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم»، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن»، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر».  قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: «هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»” (صحيح البخاري:7084). 
الدخن: “قيل الغل وقيل الحقد والحسد، وقيل فساد في القلب، يشير إلى أن الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرًا خالصًا بل فيه كدر”.
هم من جلدتنا: “‏أي من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا”.

ومن الطرق التي دلنا النبي عليها للنجاة من الفتن هو أهمية الاستغفار واللجوء إلى الله عز وجل وضرورة الاستعانة بالصلاة: قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:87-88].
وعن أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها قالت: “استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعًا، يقول: سبحان الله، ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن، من يوقظ صواحب الحجرات -يريد أزواجه الكرام لكي يصلين- رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة»” (صحيح البخاري:1126).
كما دلنا عليه اصللاة والسلام على ضرورة التعوذ بالله عز وجل من الفتن، وهو ما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “«اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم والمأثم، اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، ومن شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» “(البخاري).
وتلك الأحاديث تعتبر من وصايا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم للتجنب من الفتن، لذلك من المهم الألتزام بتلك الوصايا حتى نتجنب الوقوع في الفتن وأهول ورغبات الدنيا المحرمة.


شارك المقالة: