التنافس بين العلاقات العامة والإعلان:
ظهرت هذه القضية بشكل واضح، عندما واجهت المنظمات المعاصرة تغيرات أساسية في تسويق المنتجات والخدمات، حيث أدَّت التغيرات إلى ارتفاع تكلفة الوسائل التي كان يعتمد عليها التسويق، خلال سبعينات من القرن العشرين وفي مقدمتها الإعلان، إلى جانب زيادة تكلفة المواد التي يعتمد عليها إنتاج المنتجات والسلع، حيث كان عليهم أن يبحثوا عن وسائل وأساليب جديدة لا تحتاج إلى تكلفة مرتفعة وعالية.
وقد ظهرت أهمية الاتجاه التسويقي للعلاقات العامة، فاتجهت العديد من المنظمات إلى استخدام كل من العلاقات العامة والإعلان كشريكين متعاونين لتحقيق أغراض التسويق، بدلاً من الاعتماد على الإعلان وحده كعنصر رئيسي لتحقيق هذه الأغراض. ويقوم هذا الاتجاه على افتراض أن العلاقات العامة عنصر قوي في تحريك المبيعات وزيادتها وتعتبر أيضاً جانباً فعّالاً في التسويق.
حيث تستطيع العلاقات العامة أن تكون أكثر قدرة بالتأثير من الإعلانات، بما تحققه للسلعة أو الخدمة من مصداقية بين المستهلكين؛ لأن هؤلاء المستهلكين يتوقعون ألا يحصلون على كل ما يرغبونه من الإعلان، لذلك فهم قد يقدمون على شراء سلعة معينة وهم مترددون، بدون أن يكونوا مقتنعين تماماً، بينما تتحق المصداقية للعلاقات العامة داخل إطار نظرة المستهلكين إلى رسائلها تأتي من طرف ثالث محايد.
وأن هناك فجوة بين ما يُقدمه الإعلان وما يتوقعه المستهلكين، فهناك فرق بين ما يشتريه المستهلكون وما يحبون أن يشتروه بالفعل. ولقد اتجهت الإدارة العليا في العديد من المنظمات إلى سد هذه الفجوة، بالاعتماد على العلاقات العامة نظير تكلفة محتملة، في الوقت الذي تعطي فيه العلاقات العامة فرصة كاملة لملء هذه الفجوة ويؤدي هذا الاتجاه الذي يراه هذا الباحث، إلى دعم السلع والخدمات في السوق بكل مستوياتها وتزيد ثقة هذه الجماهير بها.
وأن هناك فائدة أخرى من التركيز على العلاقات العامة وهي أن الإعلان ذاته سوف تزيد فاعليته وقوة تأثيره؛ لأن المصداقية التي سوف تحققها العلاقات العامة وتزيد قابلية المستهلكين؛ نتيجة لِما يرونه من تطابق بين ما ينشر وما يعلن عنه؛ ممّا يزيد تقبلهم للرسائل التي يحملها الإعلان، ثم أن العلاقات العامة ذاتها سوف تكون أكثر قدرة على تحديد أهدافها وأكثر قدرة على التحكّم في رسائلها الموجهة إلى جماهير معينة.