أتجر من عقرب

اقرأ في هذا المقال


يزخر التراث العربي بالحكم والأمثال، فمنها ما ضمّته أبيات الشّعر فصار مثلًا، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلًا، وأغلبها كانت ثمرة مواقف مختلفة، وقد تناقلت الأجيال تلك الأمثال والحكم حتى وصلت إلينا، ومثلنا اليوم هو المثل القائل: “أتجر من عقرب”، وقد قيل هذا المثل في قديم الزمان، وله قصة سأوردها فيما يلي من السطور.

فيم يضرب مثل: “أتجر من عقرب”

يوجد بعض الناس الذين يستطيعون أن يجعلوا من أنفسهم علامة ورمزًا مميزًا في عصره، أيًّا كان ذلك في صفة إيجابية أو سلبية، حتّى أنّه جعل المحيطين به يردّدون اسمه باستمرار  ويستخدمونه في أمثالهم، وهو ما حدث قديمًا مع تاجر يُدعى عقرب، إذ أخرج الناس مثلًا يحمل اسمه مع صيغة الأفضلية في التجارة والمماطلة لتوضيح مدى نبوغه في هذين الشيئين، وقد اقترن اسم صاحبنا هذا في مثلين مقترن أحدهما بالآخر، هما: “”أتجر من عقرب”، وأمّا الآخر، فهو: “أمطل من عقرب”، إذًا فمثلنا يُضرب في البراعة بالتجارة والنبوغ فيها.

قصة مثل: “أتجر من عقرب”

أمّا مثل: “أتجر من عقرب”، فقد جاء على لسان أهل المدينة، وصاحبه الذي قاله، هو: الزّبير بن بكار، ويُروى أنّ عقربًا هذا كان اسمًا لتاجر من تجار المدينة، وكان يتميز بأنّه أكثر الرّجال تجارةً، كما أنّه كان أكثرهم تسويفًا ومماطلة، حتى ضُرب بتجارته ومماطلته المثل، فحدث أنّه استدان من “الفضل بن عباس اللهبيّ“، وكان من أشدّ الناس اقتضاءً، فلمّا آن أوان السّداد وقضاء الدّين، ركب حمارًا له كان يسمّيه: “شارب الرّيح” وقعد على بابه، وأخذ يقرأ القرآن، وعقرب قائم على مطله غير مكترث له حتى برم به فهجاه بقوله:

“قد تجرت في سوقنا عقرب * لا مرحبًا بالعقرب التاجرة

كلّ عدو يتّقي مقبلاً       *  وعقرب تخشى من الدابرة

إن عادت العقرب عدنا لها *  وكانت النعل لها حاضرة”.

بهذا صار اسم عقرب ملازمًا لهذين المثلين “أتجر من عقرب“، و “أمطل من عقرب” شائعان ومتداولان على لسان أهل المدينة، بسبب شهرته في التجارة والمماطلة في آنٍ معًا، وهو من رآه الناس شخصًا مميّزًا بينهم سواء في شيء محمود أو مذموم.


شارك المقالة: