تميزت كل الأمم بموروثها الثقافي الذي تملكه، والذي يصوّر للأجيال اللاحقة الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “إن الموصين بنو سهوان”.
أصل مثل: “إن الموصين بنو سهوان”:
لقد عُرف عن العرب منذ قديم الزمان البيان والحكمة، إذ كانوا يضربون الأمثال التي تصف واقع حياتهم العربية وصفًا دقيقًا، وتكون على الأغلب مستمدة من الأحداث الدائرة في مجتمعاتهم، وتعبر عنها تعبيرًا صادقًا، وأيضًا فهي تصور تاريخهم، وكل ما يتعلق به، والمثل الذي بين أيدينا: “إن الموصين بنو سهوان”، من الأمثال التي تخبط الناس في تفسيرها، فكثير من الناس يقول إنه إنما يحتاج إلى الوصية الذي يسهو ويغفل.
أما بعض الناس فغير محتاج إلى الوصية لأنهم لا يسهون، وأما آخرون، فقيل يراد بقوله بنو سهران جميع الناس لأن كلهم يسهو، ولكن الأصوب في المعنى أن يقال إن الذين يوصون بالشيء يستولي عليهم السهر، حتى كأنه موكل بهم، وهذا يدل على صحة المعنى الوارد في المثل، الشعر الذي أنشده الأعرابي من قول الراجز، بقوله:
“أنشد من خوارة عليان مضبورة الكاهل كالبنيان
ألقت طلا بملتقى الحومان أكثر ما طافت به يومان
لم يلهها عم همها قيدان ولا الموصون من الوعيان
إن الموصين بنو سهران”.
فيم يضرب مثل: “إن الموصين بنو سهوان”؟
مثل: “إن الموصين بنو سهوان” من الأمثال العربية السائرة، وهو يُقال لأولئك الذين يسهون ويغفلون عن السعي وراء شيء قد أُمروا به أو قد طُلب إليهم، والسهو ها هنا من الجائز أن يكون سمة من سمات أي رجل من بني “آدم”، وسهوان هو سيدنا آدم عليه السلام حين عُهد إليه نسي وسها، فيُقال هو سهوان وساهٍ، أي إن الذين يقومون بالوصية لا بد أن يسهوا، لأنهم بنو سيدنا آدم عليه السلام.