اكتساب اللغات في علم اللغة الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن اكتساب اللغة:

يشير مفهوم اكتساب اللغة الأولى إلى الطريقة التي يتعلم بها الأطفال لغته الأم، وهي اللغة التي يتحدثها الآباء كونها لغة المجتمع الأصلي للفرد. بينما يشير مفهوم اكتساب اللغة الثانية إلى تعلم لغة أو لغات أخرى إلى جانب اللغة الأم.

اكتساب اللغة الأم:

بالنسبة للأطفال الذين يتعلمون لغتهم الأم، تتطور الكفاءة اللغوية على عدة مراحل، من الثرثرة إلى كلمة واحدة إلى كلمتين ثم الكلام التلغرافي أو التراكيب المفهومة. حيث يعتبر الهذيان الآن أقدم أشكال اكتساب اللغة لأن الأطفال الرضع سينتجون الأصوات بناءً على مدخلات اللغة التي يتلقونها.

فالجمل المكونة من كلمة واحدة والذي يعرف لغويًا بـخطاب هولوفراستيك تكون بشكل عام أحادية المقطع في مجموعات الحروف الساكنة. وخلال المرحلة المكونة من كلمتين، لا توجد علامات نحوية أو صرفية للكلمات ولا توجد تصريفات لصيغة الجمع أو الفعل الماضي والضمائر. ويفتقر الكلام التلغرافي إلى الكلمات الوظيفية ولا يحمل سوى كلمات تبين المعنى فقط ولا تكون ذات تركيبة لغوية صحيحة.

نظريات اكتساب اللغات:

يوجد في علم اللغويات ثلاثة نظريات لاكتساب اللغة، وهم التقليد والتعزيز والتماثل، ولكن لا تشرح هذه النظريات بشكل مفصل وجيد كيف يكتسب الأطفال اللغة. وفي هذه النظريات، لا ينجح التقليد (وهي النظرية الأولى)؛ وذلك لأن الأطفال ينتجون جملاً لم يسمع بها من قبل، مثل (cat stand up table) أي القطة تقف على الطاولة، وحتى عندما يحاولون تقليد كلام البالغين، لا يستطيع الأطفال توليد نفس الجمل بسبب قواعدهم المحدودة. والأطفال غير القادرين على الكلام ما زالوا يتعلمون اللغة ويفهمونها، لذلك عندما يتغلبون على ضعف الكلام، يبدأون على الفور في التحدث باللغة.

لا يعمل التعزيز (النظرية الثانية) أيضًا بالنسبة للأطفال؛ وهذا لأنه نادرًا ما يحدث وعندما يحدث يكون التعزيز هو تصحيح النطق الكلمة ومحاولة تعديل مخارج الحروف وليس القواعد. ولكن بالطبع إذا سُمع الطفل يقول جملة خاطئة، سيتم تصحيح هذه الجملة، فعلى سبيل المثال، إذا قال الطفل أن التفاح أرجواني اللون سيتم تصحيحها لأنها جملة خاطئة تمامًا، فيجب على الطفل أن يعرف بأن لون التفاح هو الأحمر.

وفيما يتعلق بنظرية التماثل، لا يمكنها أيضًا أن تفسر اكتساب اللغة، فتتضمن نظرية التماثل تكوين جمل أو عبارات باستخدام جمل أخرى كعينات. فإذا سمع الطفل الجملة، لقد رسمت حظيرة حمراء، يمكن أن يقول، وفقًا لنظرية الثماثل، لقد رسمت حظيرة زرقاء، ومع ذلك، إذا سمع الطفل جملة، لقد رسمت حظيرة باللون الأحمر، لا يمكنه أن يقول “رأيت حظيرة باللون الأحمر”. لم تنجح هنا نظرية التماثل، ومع أنه من الممكن ألّا يكون المثال واضح في لغتنا العربية، ولكن يوضح هذا المثال نظرية التماثل في اكتساب اللغة الإنجليزية بشكل واضح للغاية.

اكتساب اللغة في علم اللغة الاجتماعي:

يدرس علم اللغة الاجتماعي اكتساب اللغة من جميع النواحي، وفيما يلي بعض من هذه الدارسات:

اكتساب اللغة وعلم الأصوات:

تعد أخطاء الطفل في النطق ليست عشوائية، بل هي أخطاء محكمة بمجموعة من القواعد اللغوية. حيث تشمل القواعد الصوتية النموذجية على العديد من قواعد اللفظ منها:

  • تبسيط اجتماع الحروف الساكنة، فعلى سبيل المثال، كلمة (Spoon) تصبح (Poon). لتخفيف حدة وصعوبة الصوت S.
  • إلغاء الحروف المتحركة في نهاية الكلمة، فعلى سبيل المثال، كلمة (dog) تصبح (dok).
  • تحريك الحروف الأولى من الكلمات، فعلى سبيل المثال، كلمة (truck) تصبح (druck)؛ وذلك لأن نطق الصوت d سيكون نطقه أسهل على الطفل من الصوت الساكن.
  • تنغيم الحروف الصحيحة، فعلى سبيل المثال، كلمة (doggy) تصبح (goggy) وكلمة (big) تصبح (gig).

اكتساب اللغة وعلم الصرف:

يَظهر التعميم اللغوي المفرط للقواعد المركبة عندما يتعامل الأطفال مع الأفعال والأسماء الشاذة بشكل منتظم. فبدلاً من استخدام كلمة (went) وهي صيغة الماضي للفعل (go)، يستخدم الأطفال كلمة (goed)؛ وذلك لأن الأفعال العادية والمنتظمة يضاف إلى نهايتها (ed) لتشكيل الفعل والزمن الماضي.

وبالمثل، يستخدم الأطفال كلمة (gooses) كصيغة جمع لكلمة (goose) بدلاً من استخدامهم كلمة (geese)؛ وذلك لأن الأسماء العادية بالعادة يضاف إليها الحرف s للدلالة على صيغة الجمع.

فرضية الفطرة:

تنص فرضية الفطرة على اكتساب لغة الطفل التي اقترحها العالم اللغوي نعوم تشومسكي، على أن الجنس البشري مهيأ مسبقًا لاكتساب اللغة، وأن نوع اللغة محدد أيضًا. فأشارت العديد من العوامل إلى هذه الفرضية مثل سهولة وسرعة اكتساب اللغة على الرغم من المدخلات الفقيرة للغة وتوحيد اللغات. فسيتعلم جميع الأطفال لغة، وسيتعلم الأطفال أيضًا أكثر من لغة إذا تعرضوا لها. حيث يتبع الأطفال نفس المراحل العامة عند تعلم اللغة، على الرغم من تنوع المدخلات اللغوية على نطاق واسع.

تنص هذه النظرية بأن فقر الحافز لدى الأطفال لا يؤثر على أنهم يتعلمون أو يعرفون جوانب القواعد التي لا يتلقون معلومات عنها. وبالإضافة إلى ذلك، لا ينتج الأطفال جملًا لا يمكن أن تكون جملًا في بعض اللغات البشرية. كما تكمن مبادئ القواعد العالمية في القواعد النحوية المحددة لجميع اللغات وتحدد فئة اللغات التي يمكن اكتسابها دون وعي وبدون تعليمات لدى جميع الأطفال، فهي القوة المُحددة وراثيًا للنصف المخي الأيسر، وليس هناك شك في أن الدماغ مجهز خصيصًا لاكتساب اللغة البشرية.

فرضية السن الحرج:

تشير فرضية السن الحرج إلى أن هناك عمرًا حرجًا لاكتساب اللغة دون الحاجة إلى تعليم أو تعلم خاص. وخلال هذه الفترة الحرجة، يستمر تعلم اللغة بسرعة وسهولة. وبعد هذه الفترة، يكون اكتساب القواعد أمرًا صعبًا، وبالنسبة لبعض الناس، يكون اكتساب القواعد أمرًا صعبًا لا يمكن أن يتحقق بالشكل الكامل والمطلوب.

تم استخدام حالات الأطفال الذين تمت تربيتهم في العزلة الاجتماعية لاختبار فرضية السن الحرج. فلم يكن أي من الأطفال الذين لديهم اتصال بشري ضئيل قادرين على التحدث بأي لغة بمجرد إعادة إدخالهم في المجتمع. وحتى الأطفال الذين تلقوا مدخلات لغوية بعد إعادة تقديمهم للمجتمع لم يتمكنوا من تطوير مهاراتهم اللغوية بشكل كامل.

كما تظهر حالات الأطفال المنعزلين والأطفال الصم أن البشر لا يستطيعون اكتساب أي لغة يتعرضون لها بشكل كامل إلا إذا كانوا في سن حرجة. وبعد هذا العمر، لا يستطيع البشر اكتساب الكثير من التركيب اللغوي والتشكيل التصريفي. فعلى الأقل بالنسبة للبشر، لا يتعلق هذا العمر الحرج بكل اللغات، بل يتعلق بأجزاء معينة من القواعد.

طرق تدريس اكتساب اللغة الثانية:

هناك عدة طرق لتعلم اللغة الثانية، وهذه أشهر الطرق:

  • الترجمة النحوية: يحفظ الطالب الكلمات والضمائر والقواعد النحوية ويستخدمها للترجمة من اللغة الأصلية إلى اللغة الهدف والعكس، تعد هذه الطريقة الأكثر شيوعًا في المدارس لأنها لا تتطلب أن يتقن المعلم اللغة بشكل كامل كالمتحدث الأصلي لها. ومع ذلك، فإنها تعد الطريقة الأقل فعالية في التدريس واكتساب اللغة على أكمل وجه، فالمعلم خير دليل على ذلك.
  • الطريقة المباشرة: في هذه الطريقة لا يتم استخدام اللغة الأم على الإطلاق في الفصل الدراسي، ويجب على الطالب تعلم اللغة الجديدة بدون تعليمات رسمية على أساس نظريات اكتساب اللغة الأولى.
  • الطريقة السمعية: يتم في هذه الطريقة الاستخدام المكثف للحوارات والصوت، على أساس افتراض أن تعلم اللغة يتم اكتسابه بشكل أساسي من خلال التقليد والتكرار والتعزيز، فيعتقد البعض أن الاستماع إلى الأغاني والأفلام من الممكن أن يساعد على اكتساب اللغة، وفي هذه الطريقة يظن علماء اللغة أنه يتم اكتساب اللغة (إذا اُكتسبت) بفضل العامل النفسي.
  • النهج الطبيعي: في هذه الطريقة يتم التركيز على المفردات وليس القواعد، أي أنه يتم التركيز على المعنى وليس الشكل، وفيها يتم استخدام مواد أصلية، كالفيديوهات التعلمية والصور، بدلاً من الكتب المدرسية.
  • الطريقة الصامتة: في هذه الطريقة يظل المعلمون مراقبين سلبيين بينما يتعلم الطلاب، وهي عملية نمو شخصي، ولكن لا يوجد أي تفسير نحوي أو نمذجة من قبل المعلم.
  • الاستجابة البدنية الكلية: في هذه الطريقة يلعب الطلاب دورًا نشطًا كمستمع ومؤدٍ، ويجب أن يستجيبوا للتدريبات الحتمية بالعمل البدني لتعلم اللغة.
  • Suggestopedia: في هذه الطريقة يظل الطلاب دائمًا مرتاحين ويتعلمون اللغة من خلال حفظ النصوص ذات المغزى، على الرغم من أن الهدف في اكتساب اللغة هو الفهم وليس الحفظ.
  • تعلم لغة المجتمع: في هذه الطريقة يتم تطوير المواد مع تقدم الفرد في مستوى تعلم اللغة ويفهم المعلم ما يحتاجه الطلاب ويريدون تعلمه، كما يشمل التعلم هنا الفرد بكافة جوانب التعلم اللغوية، ويُنظر إلى اللغة على أنها أكثر من مجرد أداة تواصل.
  • تعليم لغة المجتمع: هذه الطريقة تشتمل على جميع مكونات اللغة وتساعد الطلاب في أساليب التعلم المختلفة، مثل استخدام الأنشطة القائمة على التواصل مع المواد الأصلية، وتؤخذ احتياجات المتعلم في الاعتبار عند تخطيط الموضوعات والأهداف اللغوية.

مجالات المهارة اللغوية:

تحتاج مجالات المهارات الأربعة لتعلم لغة أجنبية إلى المعالجة المستمرة والمتواصلة. حيث تتضمن مجالات المهارة الجيدة الأربعة، على الاستماع والتحدث والقراءة (والمفردات) والكتابة (والقواعد). فالمتحدثون الأصليون لا يتعلمون مجالات المهارات بشكل منفصل، ولا يستخدمونها بشكل منفصل، لذلك لا ينبغي تدريسهم بشكل منفصل.

ومع ذلك، فمن السهل الوقوع في فخ تدريس اللغة بشكل عام وسطحي بدلاً من تدريس اللغة بشكل كامل وفعال، بحيث يمتلك المتعلم المهارة الكافية لتحدثها بطلاقة.


شارك المقالة: