قصة الأجنحة المتكسرة

اقرأ في هذا المقال


تُعدّ القصّة القصيرة من أشهر الفنون الأدبية النثريّة، والتي تتّخذ موقعًا مهمًّا بين الفنون الأدبية المختلفة، وقد برزت في الغرب وبعد ذلك امتدّ تأثيرها إلى البلاد العربية، أثر موجة الاستعمار والهجرة، إذ اطّلع المفكرون والأدباء العرب على نماذج مختلفة من القصص الغربية، وبهذا ظهرت القصة القصيرة لدى العرب في بدايات القرن المنصرم، وقد اتّسمت القصة في البدايات بالبساطة والطّول النّسبيّ عند الأوائل، لكنّها تطورت وأضحت ما هي إلّا تعبير جديد عن مشاعر البسطاء وآمالهم، لكن بشكل مكثّف، وقد حاول الرّوّاد التّعبير عن واقعهم، وما يدور حولهم من أمور متعدّدة.

قصّة الأجنحة المتكسّرة:

هذه القصّة للكاتب اللبناني جبران خليل جبران، وهي من أكثر قصصه شهرة، ومحور القصّة هو شاب يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، وقد أحبّ إحدى الفتيات، غير أنّها تُخطب من آخر ثريّ، وهنا تحدث المشاكل، وجبران بالصيغة الأولى للقصّة يجعل من نفسه بطلًا للقصّة.

تلخيص قصة الأجنحة المتكسرة :

بين طيّات الأجنحة المتكسّرة أول قصة حبّ لجبران، وقد بيّن فيها تأثيرها الكبير على حياته، والحكاية تبدأ بطلب فارس كرامة إلى جبران زيارته في منزله ليتكلّم معه عن ماضيه مع أبيه، وليعرّفه على ابنته، وبالفعل قام زار جبران السيد كرامة، والتقى ابنته سلمى، وقد شُغف بها من النّظرة الأولى، وأصبح الكاتب يكرّر زياراته للسيّد كرامة، وقد كبر حبّه وتعلقه بسلمى، وفي أحد الأيام توجّه السيّد كرامة إلى المطران، وهنا استغلّ جبران الوضع للاعتراف بحبه لسلمى وهي بدورها بادلته الشّعور ذاته، ولدى رجوع السيد فارس كرامة من زيارته للمطران، نبّأ سلمى بما تقرّر من أمر زواجها من ابن أخ المطران، والذي عُرف عنه طمعه في الحصول على أملاك سلمى وأبيها، وبالفعل تزوج ابن أخ المطران، والمدعوّ: “منصور بك”  من سلمى، وهي مرغمة على هذا الزّواج مكرهة، ومرت الأيام، غير أنّ الكاتب وسلمى لم ينقطعا عن اللقاء، حيث كانا يلتقيان مرّة شهريًّا في معبد صغير بعيد عن منزلها، وفي العام الخامس على هذا الزّواج، أنجبت سلمى طفلًا، غير أنّها ماتت بعد الولادة مع طفلها.

الخصائص الفنية لقصة الأجنحة المتكسرة :

الزمان و المكان:

وُلد جبران في بيئة لبنانية، وأمّا وقائع هذه القصة فقد عاشها على أرض الواقع، الأمر الذي جعل عناصرها واضحة جليّة، فكان من السّهل تحديد زمانها، وقد كان شهر نيسان حيث حلّ فصل الربيع، ففي بداية القصّة قال جبران: “كنت في بيروت في ربيع تلك السنة المملوءة بالغرائب، وكان نيسان قد أنبتت الأزهار والأعشاب“، والمكان كما يبدو جليًّا من كلام جبران هو بيروت في إحدى بقاع شمال لبنان الجميلة، حيث الأودية المليئة بالسحر والهيبة والجبال الشّامخة بالمجد والعظمة باتجاه العلاء، كما وصفها جبران، وفي هذا المحيط يقع منزل المحبوبة: “سلمى كرامه” الذي تلفّه حديقة مترامية الأطراف، فهذا المكان كان مُلتقى قلبي جبران وسلمى، غير أنّ التقاليد الاجتماعية والعادات وسلطة رجال الدين قد حالت دون اجتماعهما، فالقصة كما غيرها من القصص قد حفلت بجماليتي الزّمان والمكان.

الشخصيات:

برزت في قصة الأجنحة المتكسّرة شخصيتان رئيسيتان، هما: “جبران”، وهو الراوي، وحبيبته: “سلمى كرامه” التي يعتقد الكثيرون أنها هي حلا الظاهر في حين أن جبران يوضح أنّ شخوص قصته من الواقع غير أنّها لا ترتبط بواقعه الشخصي، أمّا الشّخصيات الثّانوية، فهم: “فارس كرامه” أبو سلمى، و”منصور بيك” و”المطران” وباقي رجال الدين.

إنّ شخصيات جبران ما هي إلّا دمى يحرّكها كيف شاء بين يديه، من دون أن يترك لها المجال كي تعبر عن عواطفها ومشاعرها، فجبران جعل الشّخصيات تنطق بغير كلامها، وتتصرف بغير تصرفها، كما في قوله: “فقالت تخاطبه: “قد جئت لتأخذني يا ولدي جئت لتدلني على الطريق المؤدية إلى الساحل، ها أننا يا ولدي فسر أمامي لنذهب من هذا الكهف المظلم”، ومن المُلاحظ أنّ الألم والعذاب حدّ القنوط كان لهما حضور على معظم الشخصيات والحوار، حيث تقول إحدى الشّخصيات من الذين حضروا الجنازة: “تأملوا بوجه منصور بيك، فهو ينظر إلى الفضاء بعينين زجاجيتين كأنّه لم يفقد زوجته وطفله في آن واحد“.

الأحداث:

هذه القصّة كانت تعجّ بالأحداث، لعلّ أولها كان لقاء “جبران” مع “فارس كرامه”، الذي هو رفيق قديم لوالده، وهذه الصّداقة أتت بجبران إلى منزل السيد كرامة ليتعرّف على سلمى، حيث وجد الحبّ السّبيل إلى قلبيهما من النّظرة الأولى، أمّا الحدث المهم فقد كان طلب “المطران” سلمى لتتزوج من ابن أخيه، فما كان من الوالد إلى أن وافق دون الأخذ برأي ابنته، وأمّا سلمى فلم تجرؤ على الرفض، وتتالت الأحداث وقد كانت موضعًا للإثارة ولفت الأنظار، غير أنّ الكاتب تمكّن من سردها بأسلوب وجداني، ممتلئ بروح التّقديس للعشق وما يبعثه في الرّوح.


شارك المقالة: