هل الترجمة الأدبية فن منقوص؟

اقرأ في هذا المقال


إنّ الفنون الأدبية متنوّعة جدّاً، ومن أرقى هذه الفنون وأهمّها هي فن الترجمة الأدبية، وهي من الفنون التي لا تعتبر سهلة بل إنّها تحتوي على عدّة أسس وقواعد وشروط ومواصفات عالية يجب على المترجم الأدبي أن يتصف بها، سنطرح في هذا المقال بعض آراء الأدباء حول الترجمة الأدبية، وما هو سبب اعتبارها فن منقوص، وما معنى هذا المصطلح.

كيف تعتبر الترجمة الأدبية فن منقوص

من المعروف أن الترجمة الأدبية تحتاج لقاموس ثري من المصطلحات البديلة، والتي تكون قادرة على نقل المعنى التام للنص بكل حرفية، كما أنّها يجب أن تقوم بنقل المشاعر والأحاسيس لدى المترجم الأدبي، فيجب على المترجم أن يكون ذكي ولديه مرونة ورشاقة بعملية الترجمة الأدبية، لأنّ هنالك أمرين مطلوبين من المترجم الأدبي وهما: نقل الإحساس لدى الكاتب، كما أنّه يجب أن يقوم بنقل السياق الضمني للنص كما هو دون أي زيادة أو نقصان أو تعديل بسيط.

وهنالك عدّة نقاط توضّح بأنّ الترجمة الأدبية مهما كانت حرفيته عالية فإنّه سيبقى برأي بعض الأدباء فن منقوص، وهذه النقاط هي ما يلي:

  • من الأمر المهم لدى المترجم الأدبي أن يتعايش مع النص الذي يريد ترجمته كما لو أنّه الكاتب الأصلي لهذا النص تماماً، وإن لم يتوفّر هذا الشرط الأساسي في الترجمة الأدبية؛ فحتماً سيعتبر أهل الترجمة الأدبية أن هذا العمل هو عبارة عن عمل منقوص، كما أنّه مسخ مشوّه وهو خالي من أي قيمة فنية أو قيمة ثقافية كذلك.
  • معاناة الكثير من الكتب والروايات من أزمة الترويج؛ وهذا من أجل أن تسعى دور النشر للربح المادي، وهذا الشيء جعل الروايات والكتب المترجمة بشكل صحيح تنتشر بشكل قليل جدّاً؛ حيث تقوم دور النشر بنشر الكتب والروايات غير المعروفة بشك كبير، وأن كتّابها ليسوا من الكتّاب المشهورين في هذا المجال، وهذا فقط من أجل الترويج لبعض الكتب سعياً وراء المال.
  • قلّة انتشار الرواية العربية بشكل ملحوظ؛ والسبب في ذلك هو أن اعتماد دور النشر على نشر الروايات المترجمة هو اعتماداً على انتشار لغتها الأم، وبالتالي فإن الروايات المكتوبة باللغة الإنجليزية تعتبر منتشرة بشكل أكبر يكثر من الروايات العربية، وهذا بسبب أن الأميّة لا تزال منتشرة لدى البعض، ممّا يؤدّي لعزوف واضح عن القراءة.
  • اعتبار أغلب الأدباء أن الترجمة الأدبية هي عبارة عن حرفة ومهارة مكتسبة تأتي بكثرة الممارسة والتدريب والاطلّاع أكثر من كونها موهبة تولد مع المترجم، وبالتالي فمن المسموح للمترجم الأدبي أن يقوم بالقيام بالكثير من أعمال الترجمة الأدبية مثل: الترجمة الصحافية والحرفية والتجارية والقانونية، ومن أهم المصادر التي تساعد المترجم بالقيام بمثل هذه الترجمات هي الجامعات المتخصّصة.
  • اعتبار أغلب الأدباء أن الترجمة هي فن أكثر من كونها مهنة، وأنّها بحاجة كبيرة للشغف الحقيقي والكبير لدى المترجم للقيام بها، والشغف هو من أكبر الدوافع التي تساعد المترجم الأدبي على تخطّي الكثير من العوائق والصعوبات التي قد تواجهه.
  • تأثّر الترجمة الأدبية بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي قد تمرّ بها البلاد؛ فهي من الممكن أن تؤثّر بشكل سلبي على المترجم أثناء عمله.
  • يصنّف أغلب الأدباء الترجمة الأدبية لعدّة أنواع من الترجمة بحسب متطلّباتها وهي: الترجمة الأمينة وهي تعني أمانة المترجم بنقل النص الأصلي، والترجمة الإبداعية وتعني أن يقوم المترجم بتحويل بيئة النص الأجنبي لنص محلي يعيشه القارئ ويلتسمه وكأنّ المترجم هو الكاتب الأصلي لهذا النص، والنوع الثالث هو الترجمة التي تسعى لترويج بعض الروايات من أجل الربح المادّي، ويسمّى هذا النوع من الترجمة بالترجمة التجارية أيضاً.
  • اعتبار الترجمة التجارية نوع من أنواع تشويه العمل الأدبي بشكل كبير جدّاً.

وبجميع الأحوال فإن المترجم عندما يقوم بعمله بشكل متقن؛ فحتماً سيدفع هذا الأمر القارئ أن لا يعجب بالرواية فقط، بل إنّه سيعجب أيضاً بالشخص الذي قام بترجمتها، ولهذا السبب عندما يريد القارئ أن يتذوّق القراءة بشكل جميل فإنّه سيبحث عن المترحم ذاته الذي أعجب بأسلوبه، وسيقوم بقراءة جميع أعماله المترجمة، وهذا سيضيف لتاريخ المترجم ويعطيه اسم مميّز، وهذا لا يعني التقليل من قدر بقية المترجمين الأدبيين، بل إن لكل واحد منه نكهته وأسلوبه بعملية الهضم الأدبي للنص كمّا يسمّيه بعض الادباء.


شارك المقالة: